حول تعديل قانون المرافعات 2021

#كسرابٍ_بقـيعة يحسبه الظمئان ماء حتى إذا جاءه
لم يجده شيئًا
عـن التـعـديـل الأخـيـر الـذي طـال قـانون المرافعات
سأتحدث وبدون أي مقدمات؛ بعـد إطلاعي لنصوص
مـواد الـقـانـون قـبـل وبـعـد التـعـديـل، اتضح لي كما
اتـضـح للـكـثيـرين أننا أصبحنا أمام فوضى تشريعية
كـنا فـي غنـى عنها، فلـم يكن هناك حاجة أو ضرورة
مـلـحـة تستوجب هذه المغامرة التشريعية التي أدت
إلى كارثة تشريعية إن جاز لي التعبير ولم يخنّي.

فالـمـواد بـعـد الـتـعـديل لا تخلو من تناقض مع مواد
أخـرى، أو ركـاكـة فـي الـصـيـاغـة، أوعـدم استـخدام
الـمـادة أو الـمـعـنـى فـي مـكـانـه الـصـحـيح، أو عدم
دسـتـوريـتـها، أو أن بـقـائـها قبـل التعديل كان أفضل
ولا يـوجـد أي مـشكـلـة، أو لا تخلو من صعوبات في
الـتطـبيـق وهـو مـاسـيتـضـح أكثر في الواقع العملي
التطبيقي، والحديث في ذلك ليس بالطويل فحسب،
بل بالطويل جداً (!!)
 
#وسأذكر_بعض_مساوئ_التعديل_كالتالي:  
مـثـلاً اعـتـبـار الحـكم الابـتـدائـي الـصادر في قضايا
الأحـوال الشـخصـية الصادرة بشأن النفقات والزواج
والطـلاق والفـسـخ والـحـضـانـة والـرؤيـة والـكـفـالة
والايـجارات والشفعة... الخ كل ذلك غير قابل للطعن
بالاستئناف وقابلاً للطعن أمام العليا، وذلك مـاذهـبت 
اليه المادة (86) من قانون المرافعات المعدل، وبهذا
تكـون الـمـخـالـفـة لمـبـدأ أسـاسي ودستوري ألا وهو
التقاضـي علـى درجـتيـن، وبهذا فإن حق اللجوء الى
القـضاء المكـفول دسـتـورياً لأي شخـص وفـق المادة
(51) مـن الـدستـور سيـكون مفرغاً من محتواه ولن
يـتـأتـى ثـمـاره وسُيـظلـم أصـحـاب الحقوق في تلك
الـقـضـايـا الـسـابقة، وكذلك هو حال القضايا المدنية
والـتـجـاريـة الـتـي مـع التعديل تم رفع سقف نصابها
الانتهائي لملايين(!!) ، هـل هـذه الـمـلايـيـن يـسـيـرة
حـتـى لايشـرع لصاحـبها الحفاظ عليها وذلك بنظرها
مـوضـوعـاً امام درجة ثانيـة أكثر خبرة وعدداً، وهل
كـل تـلك القـضايـا لاتحـمل حـقـوق يـستلزم التدقيق
والتمحيص قبل ان تصبح المراكز القانونية لأطـرافها
دائمة وذلك بعد أن يصبح الحكم فيها بات (؟!)

ومـن ظاهـر النـص يتضح أن الأحكام الصادرة لتلك
القـضايا لايُطـعن بها إلا أمـام العليا؛ الأمـر الذي يعني
لـزوم توفر أحـد أسـباب النقض أمام العليا والمحددة
عـلـى سـبـيـل الـحـصـر فـي المادة (292) من قانون
الـمـرافـعـات؛ كـون الـعـلـيـا مـحـكـمـة قانون في تلك
القضايا!!، وفـي حـال عدم تحقق احد الأسباب يكون
الـطـعـن مـرفـوض شـكـلاً وبـالـتـالـي موضوعاً، وتلك
الـقـضـايـا يسـتـلزم نظرها موضوعاً من حيث الواقع
والقانون معـاً في كـل دول العالم، ولم نـسمع بنظرها
لـدرجـة تـقـاضـي واحـدة فـقـط، واذا سـلـمـنـا جـدلاً
بـنظرها موضوعاًً امام العليا خروجاً عن الأصل الذي
يقـتـضـي أنهـا محكـمة قـانون والحاقاً بالإستثناءات
لتُـنظر مـوضـوعـاً، فـإن ذلك تـمرد لايعززه أي نص أو
مسـتـنـد قـانـونـي، أمـا مـن يـقـول أن للـعـلـيا نظرها
مـوضـوعـاً اسـتناداً لنص المادة (300) بعد التعديل،
فـانـي أطلـب منه الـتـمعـن مـلياً في النص؛ حيث انه
اعطـى العـليا الفـصـل مـوضـوعـاً مـادامـت الـقـضـية
صـالـحـة للـحـكم، وان لم تكن صالحة للحكم فإنها لا
تـنظـرهـا الا قـانوناً وتحيل نظرها موضوعاً للمحكمة
مصدرة الحكم وفقاً لتوجيهاتها، والسـؤال الذي يضع
نفسه، ما هـي الضوابط او المعايير التي تحكم العليا
لتـهـتـدي بـهـا عـنـد اعتبار القضية صالحة للحكم من
عـدمـه؟!، لا ان يـتـرك الأمـر يـتيـماً يختلف في وضع
تبنيه مـن قضـية لأخرى عشوائياً دون أدنى ضوابط،
لا يُـعلـم مـن سيـتـبناه هل العليا أم المحكمة مصدرة
الحكم (!)، بـل كـان لابد وضع معايير وضوابط مرنة
ونـسبية تُسعف القضايا وتحمي حقوق المتقاضين. 

وعـلاوة علـى كـل ذلك لـن يتسنى للعليا تحديد مدى
صـلاحيـة القضـية للحكم من عدمه الا بعد ان يكون
الطعن قد خضع لدائرة فحص الطعون ليتحقق مـدى
استـيـفـاءه للـشـروط الـشـكلية وفق المادة (26) من
قانـون الـسـلـطـة القـضائيـة، والـتـي منها تحقق احد
اسـباب الطعن المحصورة في المادة (292)!!، الأمــر
الذي يجب على المـحامي البحث جاهداً عن الثغرات
القانونـيـة لتـلك القـضايـا ليكيـفها ويلحقها بأحد تلك
الأسباب، ليضمن أن تنظر دعواه موضوعاً امام العليا
ان كانـت صالـحـة للحكم او المحكمة مصدرة الحكم
مـرة اخـرى وفـق تـوجـيـهـات العـليا، وان لم يستطع
فسـيصـبح الحـكم الابتـدائي النهائي بات (!)، وبهكذا
يـصبـح وضع أطراف الدعوى المستعجلة ذو الحجية
المـؤقتـة لأحكامها، أفضل من وضع أطراف الدعاوى
الموضوعـيـة السابقـة، فهل هذا قول العقل والمنطق
أم الجدلية العقيمة(!!) 

كانـت المادة (86) ستُبلع لو أطلق المشرع من نطاق
الأسبـاب الشكـلية للطـعن أمـام العـليا لإدراج مـسائل
الطـعـن الغالـبـة في القـضايا السابقة ضمنها وبالتالي
ضـمـان أكبر بنظرموضوعها مرة أخـرى، نعم التعديل
أثقـل من كـاهـل المحـكمة العليا التي يفترض كأصل
ان تكون محكـمة قـانـون مـع اسـتـثـنـاءات لـقـضـايا
محدودة يجـوز نظرها مـوضوعاً وفق القانون، وذلك
لحكمة أو لضمان الحقوق.
 
ثـم لايـخفـى علـى أحـد أن الـقـاضـي الفرد الإبتدائي
لايـمـلك الـخـبـرة الـكـافـيـة، وذلك لـيـس تجني مني
والـدلـيـل كـمـيـة الأحـكـام الإبـتـدائـيـة الـتـي تلـغيها
الإستئناف او تعدلها وبالنادر تأيـدها، فحرمان احكام
القـضـايـا الـسابقـة مـن الطعن بالإستئناف واعتبارها
نهائية، فيه اجحاف كبير لحقوق المتقاضين وتشويه
للعدالة التي جاء القضاء ليحقها ويحميها ويعززها لا
ان يصادرها لمن يستحقها ويطلبها.

أيـضاً جـاءت المادة (111) بـحـلـة ركـيـكة الصياغة،
وقد كانـت قـبـل التـعـديل واضـحـة، بغض النظر عن
إشكاليـة اعتبار يـوم الخميس موقف لسريان الميعاد
القانوني أم لا، والـذي اتجـهـت احكام العليا خصوصاً
الأخـيـرة علـى اعتـباره يوقف الميعاد القانوني وذلك
بالقـيـاس على يـوم الجـمـعـة لاتـحـاد الـعـلـة ذاتــهــا
والمتمثلة في عـدم وجود عمل قضائي في المحاكم،
بـالـرغـم مـن وجـود مـبـادئ أخـرى لـم تـعـتـبـر يــوم
الخـمـيـس يـوقـف المـيـعـاد، دون ذلك لامـعضلة في
الواقـع العملي القـضائي لنص المادة قبل التعديل بل
ان المعضلة بعد التعديل.

كـذلك جـاءت الـمـادة (86) فـي فقـرتها الثانـية (ب)
تـوجب على النيابة عرض حكم الفسخ للزوج الغائب
امام المحكمة العليا، حـيـث كان من الأفضل إدراجها
ضـمـن الباب الـثـالـث (الـدعاوى وغيرها) في الفصل
الرابع المعنون بـ(تدخل النيابة العامة في الدعوى).

كـذلك دمـج الـقـانـون الـمـعـدل بـيـن نصـي المادتين
(241+242) فـي مـادة واحدة (241)، بعد أن أجاز
للقاضـي إنقـاص مـدة الإعـلان الـى ساعتين بدلاً من
ساعة الى ساعة كما كان قبل التعديل وكان متماشياً
مـع الـحـكـمـة مـن تـشـريع القضاء المستعجل، بل ان
بعض الأمـور قـد تفوت لشدة عجلتها دون ان يحفظ
مدعيها حقه مؤقتاً بإجراء وقتي او تحفظي.

وبالنـسـبـة للـمـادة الـمـعـدلـة (238) والـتـي ألـزمـت
القاضـي بتـكلـيـف أمـيـن السر بتحصيل القضية قبل
حجـزها للنطق، وتسليم نسخة منها لأطراف القضية
لإبـداء مـلاحـظاتـهـم خـلال (5) أيـام، فـالحـقيقة ان
تـوجـه الـمشرع لذلك التعديل ينم عن اهمال واغفال
للواقع القضائي، حـيـث انـه لا يخفى على أحد المدة
بين جلسة وأخرى والتي قد تكون على الأقل اسبوع
ويختلف الامر من قـاضي لاخر بل من قضية لاخرى
لمـجرد اجـراء عـادي، فكـيـف هو الحال في تحصيل
قـضـيـة بـأكـملـها والـتي تختـلف وفق الأدلة المقدمة
والـمـوضـوع، فـقـد تـكـون مـحـاضرها كثيرة وكذلك
ادلتـها وبالـتـالـي أمـر تـحـصـيـلـهـا يـطـيـل مـدة نظر
القضية، فأمـيـن السر لديه عدة قضايا بل ان البعض
منهم لايستطيعوا انجاز الاحكام خلال الشهر المحدد
قـانـونـاً كـمـدة قـصـوى، فاذا كان الحال يصعب على
القاضـي عنـد حـجـز القضية للإطلاع بل يأتي موعد
الجـلسـة بـعد اطلاع القاضي ليؤجلها مرة اخرى ربما
لمـدة طـويلـة مشـابه لسابقتها ، وذلك لعدم استكمال
الاطلاع (!!)، فـكـيـف حـال تحصـيل قضـية (؟)، أمـا
بالنـسبـة للاطراف وابداء رايهم فلهم تصوير محاضر
الـجلـسات وتقديم ما لديهم الى ماقبل حجز القضية
واقـفال بـاب الـمـرافـعـة وهـذا الامــر اي كـفـالة حق
الـدفـاع والـمـواجـهـة مسـلـم بهما كمبدأين أساسيين
لصـحة اجـراءات التـقاضـي، ومـن لـديه أي اعتراض
لتـحصـيل أمين السر؛ فله اتخاذ الاجراءات القانونية
المكـفـولـة ضـده حتـى بـعـد إسـتـلام الحكم، ولـذلك فاسمحوا لي ان اقول اني اجزم يقيناً ان هذه المادة
بماحوته ستطيل اجراءات نظر القضية، فالقانون هو
مـا ينـبغـي ان يكـون لا مـا هـو كـائن لذلك كان حاله
متأسف عليه.
ولأن الـمـادة السابقـة كذلك، فانه يصعب جداً تزمين
القضايا، فكل قضية لها ظروفها واجراءاتها، حتـى لو
كانـت تحـمل المـوضـوع أو السبب أو النوع ذاته، إلا
اذا سلـمـنا أن كـل مـرضـى الـسـرطـان يـأخذون ذات
الـدواء لـوحـدة الـداء دون الـتـفـرقـة بين مرحلته او
شـدتـه او حـتـى دون الالتـفات الـى ما اذا كــان ورم
حميد او خبيث اوغيرها من التفرقات والاختلافات!!

كـل مـاسبق هو بعضاً من سلبيات التعديل والحديث
في ذلك طـويـل جـداً، ولا يخـفى علـى أي عامل في
الـسـلك القـضائـي او المـتـقـاضيـن وان خـفـي فـانـه
سيظهر عند التطبيق القضائي.

وهـنـاك مسـائل- لاتخفى على من يقرأ القانون قراءة
تحلـيـلية متـأنية -كـان على المشرع تنظيمها بدلاً من
السكوت عنها وتركها لاجتهادات القضاة والمتقاضين
وممثليهم ، ماهي هذه المسائل؟ 
هي حديث منشور آخر بإذن الله.

لاننكر وجود اصلاحات قضائية بصماتها واضحة في
المحاكم، ولكن لماذا حدث مثل هذا التعديل ووطنـنا
الـيمن الموحد في ظل انقسام، علـى الأقل كان هناك
قـانـون واحـد يجـمعـنا، والـيـوم ادى انـقـسـامـه الـى
انقـسـام القانونـيين في نقاشتهم واستشاراتهم بينهم
البـيـن وهـذا مـؤسـف حقـاً، حـتـى مـع التسليم جدلاً
بامـتيـازات الـمواد المعدلة؛ فدرء المفاسد مقدم على
جـلـب المـصالح عـنـد التـعارض، والضرر الأشد يـزال
بالضـرر الأخـف، هـذا مـا أقـرتـه شـريعـتنا الإسلامية
الغـراء، ونحـن فـي هـذه الـفـتـرة أشد احتياجاً لرأب
الـصـدع ورفض أي أجندات خارجية تحاول التفريق
بيـن أبناء الوطـن الواحد، فكيف سيكون الأمر كذلك
ونحـن نقطـع اي جـسـور يمكن ان يلتقي عبرها أبناء
الـوطـن الـواحـد، لـذلك يـجـب عـلـى جميع الأطراف
الـسعـي نحـو تحقـيق مصالحة وطنية شاملة لامزيد
مـن الفرقـة والتـشـظـي، ويـجـب تـرك الـقـانون دون
تسـيـيس لانـه لو ضـاع القانـون فان الجميع سيضيع
وسنـصـبح في شريعة الغاب ان لم نكن بدأنا نعيشها
ولو بطريقة فنية مغلفة غير مباشرة.
انتـهى المـقال بالنسبة للقارئ الكريم شكراً والى لقاء
مـع موضوع آخـر، أمـا بالنسبة للمعنيين لم ينتهِ بعد،
حـيـث ان نفـسي أكلها الفضول وتريد ان تعلم اجابة
لسؤالها الأحمق وهـو: هـل فعـلاً تـم الإسـتـعانة بأهل
العـلم والإختـصاص فـي الـتعـديـل للقانـون، وهل تم
حقاً وفـق اجـراءات قـانـونـية سليمة (؟!)، أخبروني
ولـن أخـبر أحد وانما فقط لتطمئن نفسي وتسلم من
تعب فضـولها ......... (!)، كـنـت أمـزح، لماذا أخـذتـم
السؤال علـى محـمل الجـد، نعـم سأوهم نفسي عفواً
خطأ مطبعي (!)، أقـصـد سـأفهم نفسي الإجابة التي
تريدونها لا التي لاتخفَ على أحد (!).

ولايـسـعـنـي أخيراً سـوى أن أقف مع نفسي اتسآءل،
هـــل كـتـب اللـه علـى بـلادنا التـغـيير للأسوأ في كل
الأمور أم أن.... (؟!)
#تعـديل_قانـون_الـمـرافـعـات_ظاهـره_فيه_الرحمة
#وباطنه_فيه_العذاب. 
#شـارك_ المـنشـور_ان_ كنـت_تـراه_ يـستحق_ لعله
#يصل_ للمعنيين_وتتوقف_ الفوضى_التشريعية.
#مـنـقـول_عـن_المحامية/نـسـمـة عـبـدالحق النجار. 
🇾🇪_____⚖️_______⚖️_______⚖️_____ 🇾🇪
من مختارات/ مـجمـوعـة ملتقى القانونيين للتوعية
القانونـيـة. اليوم/الأحد الموافق/2021/03/07م
*#إدارة_المجمـوعـة. بلال الهاشمي770072262.*
*#المجموعة* خاصة بالقانونيين للانضمام التواصل
مع إدارة المجموعة.
*#انـشـر الـمـوضـوع ليستـفيد غيرك. تكرماً☺️🌹*
🇾🇪_____⚖️_______⚖️_______⚖️_____ 🇾🇪

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خدمة السجل التجاري

مساجد صنعاء

نظرية الدفوع في القانون اليمني