الدعاوى الكيدية
#الدعاوى_الكيدية
#مـقــــدمة
التقاضـي مـبــدأ دسـتـوري وحـق مـن حـقـوق جميع
المواطنين ولا يجوز مصادرة هذا الحق بأي حال من
الأحوال..
فنصت المادة (51) من الـدسـتور: يحق للمواطن أن
يـلـجــأ إلـى القـضـاء لحـمـايـة حـقـوقـه ومـصـالحــه
المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوي والانتقادات
والمـقترحـات إلـى أجهـزة الدولة ومؤسساتها بصورة
مباشـرة أو غيـر مباشـرة.
وقـد اشـتـرط الـقـانـون لقـبـول الـدعـاوى شـرطـيــن
أســاسـيـيـن هـمـا شـرط الصـفـة وشـرط المـصـلحة،
واشترط القانون في المصلحة أن تكون مشروعة،بل
نص الـدسـتور بـقولـه"لحـمـاية حـقـوقه ومـصـالحـه
المشروعة".
والمصلحة هي الشـيء أو المنفعة التي تعود للمدعي
سـواءً كانـت منفعة مادية أو معنوية، والمصلحة هي
من تثبت وتؤكد جدية رافع الدعوى..وهذه المصلحة
يلزم أن تكون مشروعة أي يقرها القانون.
وفـي الـواقـع أن هـنـاك كثـير من الدعاوى التي ترفع
أمـام القـضـاء ويـتـبـيـن عـدم جـديـة صاحبها وعدم
وجـود له مصـلحـة.. وهـذه الدعاوى تسمى بالدعاوى
الكـيـديـة.. وهـنـا سـنـوضـح تعـريف وأسباب وعلاج
الدعاوى الكيدية على النحو التالي:
» تعـريف الدعوى الكيدية: هـي دعـاوى تـرفـع أمــام
القـضاء لا يكـون لرافـعها فيها مصحلة حقيقية وإنما
يقصد بها الإضرار بالأخرين.
أي أن الدعـوى الكـيدية تتميز عن الدعوى المشروعة
بإن الدعوى الكيدية:
•يكون الغرض منها نية الإضرار بالاخرين.
•أو أخذ أموال الناس بالباطل
» أسباب الدعوى الكيدية:
هـنـاك أسـبـاب عـدة وهي تختلف باختلاف الشخص
رافـع الدعـوى، مـنـهـا مـا يعـود لضعف الوازع الديني
والأخـلاقي فيريد أن يأكل حق أخيه بغير وجه حق،
ومنـها ما يعود لسهولة رفع الدعاوى دون التثبت من
جـديـة رافـعـهـا، ومـنـهـا مـا يعـود لعدم تطبيق بعض
القـضاة للقانـون فـي تأديب المتقاضين كيداً وإرهاقاً
للآخـريـن..الخ.من الأسباب..
» أضرار الدعاوى الكيدية:
رفـع الـدعـاوى الكـيـديـة يـؤدي إلى الإضرار بالقضاء
والمـتـقـاضـيـن فـتـؤدي إلـى إرهـاق كـاهـل الخصوم
وضياع وقتهم وتفريـغ جهدهم وطاقتهم وكذا تؤدي
إلـى ضـيـاع وقـت القـضـاء فـي البـحـث والـتـحــري
والتدقيق في قضـية ليس لرافعها حق ولا مصـلحة..
مما يـؤدي لتأخير البت في قضايا أخرى لكثرة تراكم
القضايا وتزايدها..
» علاجات قانونية
تـدخـل القانـون لمـثل هـذه الدعاوى ووضع علاجات
ولـم يـضـع وقـايـة مـسـبـقـة حازمـة للتأكد الحقيقي
مـن جـديـة رافـع الـدعـوى.. كـي تحد من تراكم هذه
القـضايـا وتـزايـدهـا، ووضـع عـلاجات عـند البت في
القـضـيـة وعـنـدمـا تـثـبـت أمـام عـدالـة المحكمة أن
القضـية كـيديـة.. إلا أن هذه العلاجات لم تكن رادعة
للمـتـقاضين كيداً حيث وضعت علاجات تحت تقدير
المحكمة إن رأت تطبيقها أو لا؟!
والعلاجات التي وضعها القانون هي:
» جزاء جنائي متمثل بالغرامة
» جزاء مدني متمثل بالتعويض
فـهـذه الجـزاءات الـتـي وضـعـهـا الـقـانون على رافع
الدعوى كيداً وإضراراً وإرهاقاً للقضاة والمتقاضين.
¶نص القانـون في المادة(170)من قانون المرافعات
والـتـنـفيذ المدني أن للمحكمة أن تحكم على الخصم
الذي قصد الكيد في دعواه بغرامة لخزينة المـحـكمة
أو بالتعويض للخصم.
فجاء النص كالتالي"يجوز للمحكمة ان تحكم للخصم
بنـاء على طلبه بغرامة على خصمه عن كل دعوى او
دفـاع يـقـصـد بـه الكـيـد كما يجوز لها دون طلب ان
تـحـكـم علـى ذات الخـصـم لـذات الاسـبـاب بـغـرامة
مـنـاسـبـة للـخـزانة العامة وان تـبين اسباب ذلك في
حكمها".
ونبين هذه الجزاءات للدعاوى الكيدية تباعاً كالتالي:
∆أولاً الغرامـة: المعلوم أن الغرامة تعتبر عقوبة لفعل
جنـائـي ويـكــون دائمـاً لخـزيـنة الدولة، وتكون دائماً
مـبـلـغ مـالي، وقررت الغرامة لتكون ردعاً للمتلاعبين
بـحـقـوق الناس وأوقـاتـهم ووقت القضاء فهي أشبه
بالـبلاغ الكاذب الذي لا يرمي صاحبه إلا بدوافع غير
حميدة.
لكن السـؤال كـم مقـدار الغرامة التي يطبقها القاضي
على المدعي الكائد؟
جـاء الـنـص فـي قـانـون المـرافعات خلواً من تحديد
الغرامة الواجب إيقاعها على المدعي كيداً، مما يعني
أنـنا سـنعود للقواعد العامة.. لأنـه مـالـم يرد فيه نص
خاص نعـود للقـواعـد العامـة.. والقاعـدة العامـة فـي
الغـرامة نـص المـشـرع علـى تـعـريفـها ومقدارها في
المادة (43)ج.م حيث نص على: الـغـرامـة هـي إلزام
المحـكوم علـيه بأن يدفع لخزينة الدولة المبالغ التي
تـقـدرها المـحـكـمة في الحكم ولا تنقص الغرامة عن
مـائـة ريـال ولا تجـاوز سبـعـين ألف ريال مالم ينص
القانون على خلاف ذلك.
فـنـجـد مـن خـلال الـنص أن القانون وضح حد أدنى
للغرامة وهي (100﷼)وحـد أقـصـى للغـرامة وهي
(70الف ﷼). والقاضـي لـه سلـطة التقدير بين الحد
الأدنى والأعلى.
لكـن نـأخـذ علـى هـذا الـنـص نـص الـمادة (43)ج.م.
ملاحظتين:
•الأولى: أنه جعل العقوبة جوازية؟
والمـعـلـوم أن العـقـوبـات تكـون على فعل مجرم، إذا
كـيف يـثبـت فـعـل علـى شـخـص مـا وتكون العقوبة
جـوازية إن شئنا عاقبناه وإن لم نشأ تركناه؟ وهذا لا
يـتـلاءم مـع القانـون الجـنائي..فثبوت الفعل الجنائي
يـحـتـاج لـتـطبيق العقوبة..مالم فلم التحري والبحث
عن الفعل دون عقاب!!
ولا يغني أن نقول أنه قد حكم للخصم بتعـويض ولا
يحتاج أن نضيف غرامة؟
لا..فالخـصم له تعويضاً عما أصابه، والدولة لها إيقاع
الغرامة على الشخص جزاءً لإزعاج السلطة وإرهاقها
وليس له حق ليـعاقـب بنـقيض قصده. بل الأصل أن
تكـون الغرامـة وجـوبـيـة كـمـا أسـلـفـنـا، والتـعـويض
للـخـصـم بطلبـه لأنـه مقـرر للمـصلحته وله الحق في
طلبه أو التنازل عنه.
•الثاني: أن الغـرامـة بهـذا الـمقدار في هذا الزمان لم
تـعد رادعـة ولا كافـيـة، وإن كـنـا نـعـذر القانون كونه
نافـذاً مـنـذ التـسعـيـنات وربما كانت العقوبة في تلك
الأونـة مـنـاسبـة إلا أنـهــا حـالـيـاً أصـبـحـت لا شـيء
وبـالـذات أمـام متـقـاضـين لا ذمة ولا ضمير يردعهم
ويزجرهم.. إلا أننا نوصي بعمل معالجات لهذا الخلل.
فغـرامـة كهـذه هـل هـي رادعـة وتـحـد مـن تــراكـــم
القضايا الكيدية؟
بالتأكـيـد ليـسـت رادعـة لأن مـن لـم يـردعـه ضميره
وضـوابـط الـشـريعـة الاسـلامية والقوانين لن تردعه
غـرامة كهذه.. وعندما لا تحقق الغرامة الردع والزجر
الـذي ابـتـغاه الـمشرع فيكون وجود العقوبة وعدمها
سوى، لأن المـعـلوم أن العـقـوبة الجـنـائـيـة أياً كانت
هـدفـها تحـقـيـق الـردع الـعـام والـخـاص وبـالـتـالـي
يجب أن تكون العقوبـة تتـنـاسـب مـع حـجم القضية
الكيدية وكذا مقدرة الشخص حـتـى يـزدجر ويرتدع
ويعـرف أن القـضاء وضـع لتـحـقـيـق العـدالـة وليس
لإثقال كاهلة بدعاوى لا أساس لها.
ونـشـيـر أن المـدعـى عليه قد لا يطلب التعويض ولا
يطبق القاضي الغرامة ويصبح نص المادة(170)م.ر.
مفرغاً من محتواه وحبراً على ورق. ويـكـون القضاء
قد فتح الباب على مصراعيه لرفع دعاوى كيدية..
∆ثانياً التعويض: الـتعـويـض هـو دائما جـبراً للخصم
المتضرر وبطلبه أيضاً والتعويض ليس عقوبة بل هو
تـعـويـض مـدنـي، أيـضاً لا يـتـقدر بشيء معين وانما
يكـون بـقـدر جـبـر الـضـرر الـذي حـصـل، وكان تقرير
الـتـعويض للخصم الذي رفعت عليه الدعوى الكيدية
لـوجود نية الإضرار بالمدعى عليه، والضرر والإضرار
غـيــر جـائــز لا شـرعـاً ولا قـانـونـاً وهي من القواعد
الـمعروفة والمشهورة، وهنا بالدعوى الكيدية يحصل
للـخـصـم المدعى عليه أضـرار كثيرة مادية كالنفقات
وضـيـاع فـرص الـعـمـل.. ومـعـنـويـة كــالأمــراض أو
المـسـاس بنـزاهة وسـمعة الشخص..ولذا قرر القانون
تـعـويـضـاً لهـذا المـتـضـرر فـنـصت المــادة(304)من
القانون المدني: كـل فعـل او تـرك غير مشروع سواء
كـان نـاشـئـا عـن عـمد او شبه عمد او خطا اذا سبب
للغير ضررا يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر
الذي اصابه ولا يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائـم
طبقا للقوانين النافذة.
» وكـمـا أوضحـت المادة أن الضرر قد يكون عمداً أو
شـبه عمد أو خـطأ.. لكن من وجهة نظري إن جاز لي
التـعـبـيـر أن التعـويض عن الضرر يكون بحالة العمد
أكـثر مما هو في شبه العمد أو الخطأ، ليتحقق الردع
لمن ينتهجون الدعاوى الكيدية لأي سبب.
وعلى القاضـي أن يـتـحـرى عـزيمة المدعي كيداً من
عـدمـها لـيـقـدر الـتـعـويض الكافي الذي ممكن يكون
رادعاً في ظل وجود غرامة لا تردع ولا تزجر!!
بل أن التعـويض كلما كان للمدعى عليه ربما أنه أكثر
ردعاً في نفـس المدعي كيداً حيث إنه سيرى أنه قام
بالـدعـوى لإيـقـاعـه فـيـها والنتيجة أن السحر انقلب
على الساحر وأصـبـح هـو مـن الـمـتحمل لوطأة فعله
وسوء قصده وعزيمة كيده..
وهـذا الـحـديـث يـشـمـل كـذلك الـطـعـون الـكـيـديـة
والـدفـوع الكـيـدية سواءً أمام محكمة الاستئناف أو
أمام المحكمة العليا.
» الحلول والعلاجات:
يجـب على الشخص ألاّ يرفع دعوى إلا بغية حصوله
علـى حـق سلـب مـنـه ولـيـس أن يـتسلق على رقاب
الآخـريـن لأخـذ حـقـوقهم، كذلك ينبغي عندما يكون
الـذي قـام بالـدعـوى أو الطـعـن محـامٍ فيـجـب عليه
أن يـتـخـلـق بأخـلاق مهنة المحاماه، المهنة السامية،
وأن يـبلـغ موكله أن هذه الدعوى كيدية ولا يجوز له
رفعها ولا تظليل العدالة بها..
وكذلك يجب على القضـاء وضع آلية لفحص الدعوى
والتأكد الفعلي من جـدية رافع الدعوى وتوفر الصفة
والمصلحة المشروعة.
ونـقـتـرح مـن وجـهـة نـظـرنـا للـوقـايـة مـن الدعاوى
الكـيـديـة أن تكـون الـغـرامـة وجـوبـيـة إيقاعها على
المـتـقـاضـي الكـيـدي وأن تكـون غـرامة تتناسب مـع
حـجـم القـضـيـة وغـرض رافـعـهـا وتحـقـق الـردع له
ولغـيـره مـن الاخرين ممن لا زال في بالهم رغبة في
الكيد بالأخرين.
» وختاماً: نـتـمـنـى مـن المـجتمع أن يتثقف بالثقافة
القانـونـيـه ويعرف ماله وما عليه، وكذا على الجهات
المعـنـية القيام بالندوات والمحاضرات التوعوية عبر
وسـائـل الإعـلام المخـتلفة، ونهيب بالقضاء أن يكون
لـه سـلطـة الفصل وتطبيق القانون وردع كل مخالف
لخـلـق الثقة بين المجتمع والقضاء التي تعد من أهم
الضمانات للمتقاضين.
*#إعـــداد/بـلال.الهاشـمــي.ba (2021/11/17م)*
#أسعد_الله_أوقاتكم_برضـاه_ونعيمه_وكل_خير🌹
#أذكروا_اللهﷻ_وصَلُّوا_عَلَى_مُحَمَّدﷺ.
#مُسْتَمِرُون...B~A
https://t.me/bilalalhashimy7700/4
https://wa.me/967770072262
#ساهم_بالنشر_يكن_لك_أجراً_بإذن_الله.
#ملحوظة/يـلـزم نـشـر المنشور مع روابطه الملحقة.
تعليقات
إرسال تعليق