امراض القلوب وادويتها

#خطبة_بعنوان "أمراض القلوب"
الخطبة الأولى
الـحمـد لله مُـعـزّ مـن أطاعه واتقاه، ومذل من خالف
أمره وعـصـاه، فـتـح أبـواب الخيرات لمن أراد رضاه،
وأغلق بـاب السوء عمن أقبل عليه وتولاه.
وأشـهـد أن لا إله إلا الله وحـده لا شـريـك له، ولا إله
سـواه، خلق الإنسان من طين فشكله وسواه.
وأشـهـد أن نـبـينـا محـمدًا عـبده ورسوله ومصطفاه،
صـلى الله وسلم عـلـيـه، وعـلـى آلـه وصـحـبـه ومـن
اهتدى بهداه، وترسم خطاه.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا الـنَّـاسُ اتَّـقُـوا رَبَّـكُـمُ الَّـذِي خَلَـقَـكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِـدَةٍ وَخَـلَـقَ مِـنْهَـا زَوْجَـهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]. 
{يَـا أَيُّـهَـا الَّـذِينَ آَمَـنُـوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا
* يُـصْلِـحْ لَـكُـمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب70-71].

أما بعدُ:عباد الله
فـإنَّ أصـدقَ الـحـديـث كتابُ الله تعالى، وخيرَ الهدي
هــديُ مـحـمـد ﷺ، وشـرَّ الأمـور مُـحْـدثـاتُـهـا، وكــلَّ
محدَثة بدعةٌ،وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار.

فاتقوا الله حق تـقـاتـه، وعظّموه حق تعظيمه، وأثنوا
عليه بما هو أهله، واستمسكوا بالقرآن العظيم فـفـيه
الـهـدى والـنـور، وهــو الــشـفــاء لــمــا فـي الـصـدور
قال الله تعالى:{يَـا أَيُّهَا الـنَّـاسُ قَـدْ جَـاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ
مِـنْ رَبِّـكُـمْ وَشِـفَـاءٌ لِـمَـا فِـي الـصُّـدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57]. 
وقال جل وعلا:(وَنُــنَــزِّلُ مِــنَ الْــقُــرْآَنِ مَـا هُوَ شِفَاءٌ
وَرَحْـمَـةٌ لِلْـمُـؤْمِـنِـيـنَ وَلَا يَـزِيـدُ الـظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
[الإسراء:82].
الاحـبـاب الـكـرام عباد الله أعـيـش مـعكـم فـي هـذه الدقائق المباركة بعنوان"أمراض القلوب وأدويتها"
أيـهـا الأحـبـاب الـكـرام عبدالله  إن الـقـلـوب تـمـرض
كالأبـدان، ومرض القلوب أنواع، فمنها مرض لا يتألم
بـه صـاحـبـه فــي الـحـال، كــمـرض الـجـهـل، ومـرض
الـشبهـات والشـهوات والشـكوك، وهذا النوع هو أشد
الأمـراض ألـمـاً، فالـقـلـب لـه حـيـاة ومــوت، ومــرض
وشـفـاء، وذلك أعظم مما للبدن، والغالب في أمراض
القلب أنها لا تـزول إلا بـالأدويـة الإيـمـانـيـة الـنبوية،
فالـهـم والـغـم والـحـزن مـن أمراض القلب، وشفاؤها
بأضدادها من الفرح والسرور والأنس.

وأمـراض الـقلـوب هـي أمـراض الـشـبهات، الشهوات،
والـقـرآن شـفـاء للنـوعين، ولغيرها من الأسقام؛ ففيه
مـن الآيـات والـبـراهـيـن القـطعـية ما يبين الحق من
الـبـاطل، فـتـزول أمـراض الـشُّـبَـه الـمـفـسـدة للـعـلـم
والـتصـور والإدراك، بحـيث يرى الأشياء على ما هي
عليه، وفيه إثبـات التوحيد، وإثبات الصفات، وإثبات
المعاد، وإثبـات النـبـوات، وفـي ذلك كـلـه شـفـاء مـن
الجهل، والشكوك والأوهام.

فالقرآن شـفـاء لـمرض الـشهـوات،بما فيه من الحكمة
والـمـوعظة الحسنة، والتزهيد في الدنيا، والتـرغـيب
فـي الآخـرة، فـيـرغـب الـقـلـب الـسليم إذا أبصر ذلك
فـيـما ينـفـعه في معاشه ومعاده، ويرفض ما يضره،
فـيصـير القـلب مـحبًّـا للـرشـد مبغـضًا للـغي، ويـعـود
للفطرة التي فطره الله عليها،كما يعود البدن المريض
إلى صحته.

وإن زكـاة الـقـلـب مـوقـوفة عـلـى طـهـارتـه، كـمـا أن
زكـاة الـبـدن مـوقـوفة علىاسـتـفـراغـه مـن أخلاطـه
الرديئة الفاسدة. 
-قال سبحانه:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَـلَيْـكُمْ وَرَحْـمَـتُـهُ مَـا
زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور:21]. 
-وقال تعالى:{قَـدْ أَفْـلَـحَ مَـنْ زَكَّاهَـا * وَقَدْ خَـابَ مَنْ
دَسَّـاهَـا}[الشمس:9-10].

فمن إعـتاد سماع الباطل وقبوله، أكسبه ذلك تحريفًا
للحق عـن مـواضعـه، فـإذا قبل الباطل أحبه ورضيه،
فـإذا جـاء الحق بخلافه ردَّه وكذّبه إن قدر على ذلك
وإلا حرَّفه. 
فمثل هذا هم من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم،
فـإنها لـو طـهـرت لـمـا أعـرضـت عن الحق، وتعوضت
بالباطل عن كلام الله ورسوله:{أُولَـئِـكَ الَّـذِينَ لَمْ يُرِدِ
اللَّهُ أَنْ يُـطَهِّـرَ قُـلُوبَهُـمْ لَـهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي
الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة:41].

أمـا القلب الطاهر، فلـكمال حياته ونوره وتخلصه من
الأدران والخـبائـث لا يشبع من القرآن، ولا يتغذى إلا
بحقائقه، ولا يتداوى إلا بأدويته. وأما القلب الذي لم
يـطـهّـره الله تعالى، فـإنـه يـتغـذى مـن الأغـذية التي
تـنـاسـبـه، بحـسـب مـا فـيـه من النجاسة، فإن القلب
الـنجـس كالـبـدن العلـيـل الـمريض، لا تلائمه الأغذية
التي تلائم الصحيح.

وإن طهارة القلب موقوفة على إرادة الله تعالى الذي
يـعلـم مـا فـي القلوب، ويعلم ما يصلح له منها وما لا
يصلح، ومن لم يطهر الله قلبه فلا بدّ أن يناله الخزي
فـي الدنيا، والـعـذاب فـي الآخـرة، بـحـسـب نـجاسة
الـقلـب وخبثه، فالجنة دار الطيبين لا يدخلها خبيث.

فـمـن تـطهـر فـي الـدنـيا بالإيمان والأعمال الصالحة،
ولقي الله طاهرًا من نجاساته دخلها بغير معوق؛ لأنه
جـاء ربـه بـقلـب سـليـم، وعـمل قويم. 

فالمؤمنون إذا جـاوزوا الـصـراط حبسوا على قنطرة
بين الجـنة والنار، فـيهـذَّبُـون وينـقون، ثـم يؤذن لهم
فـي دخول الجنة.
-فعن أبي سَعِيدٍ الـخُـدْرِيِّ -رَضِـيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَـالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ
مِنَ النَّارِ، فَـيُـحْـبَـسُـونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ،
فَـيُقَـصُّ لِبَعْـضِـهِمْ مِـنْ بَـعْـضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي
الـدُّنْـيَـا، حَـتَّـى إِذَا هُـذِّبُـوا وَنُـقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ
الجَنَّةِ] [البخاري:6535].

والذنوب تعـمل على إضعاف القلب فتضطرم فيه نار
الشـهوة وتنجـسه، والخـطايا والـذنـوب للقلب بمنزلة
الحـطـب الـذي يمد النار ويوقدها، ولذلك كلما كثرت
الخطايا اشتـدت نـار القلب، واشتد ضعفه ومقاومته
للباطل، والـمـاء يغـسل الخـبث، ويطفئ النار، فالقلب
والـبـدن بـأشـد الـحـاجـة إلـى مـا يطهرهما ويبردهما
ويقـويهـما، ولـذلك كان الـنـبي ﷺ يـقـول فـي دعـاء
الاسـتفـتاح فـي الصلاة:[اللَّهُـمَّ اغْـسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ
وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ] [البخاري (744)، ومسلم (598)].

أيها المؤمنـون عـبـاد الله: إن الـحـسـد مـن الأمـراض
الـعظـيمـة التي تصيب القلوب، ومن أمراض الـقلوب
حب الدنيا فكرًا وطلبًا وتمتعًا والإعراض عن الآخرة،
ومـن اتـخـذ الـدنـيـا ربّـاً اتـخـذتـه عـبدًا، والعاقل من
يـرضى منها بالقليل مع سلامة الدين.
-فعن زَيْـد بْـنُ ثَـابِـتٍ -رضـي الله عـنـه- قـال: سَمِعْتُ
رَسُـولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:[مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ،فَرَّقَ اللَّهُ
عَـلَـيْـهِ أَمْـرَهُ، وَجَـعَـلَ فَـقْـرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ
الدُّنْيَا إِلَّا مَـا كُـتِـبَ لَـهُ، وَمَـنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ
اللَّهُ لَهُ أَمْـرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ
رَاغِمَةٌ] [ابن ماجه:4105، وصححه الألباني].

أيها المؤمنون عباد الله 
إن الـعـاقـل مـن صـرف همّه عـن الدنيا حتى لا يتألم
عـنـد فراقها، ويأخذ منها بقدر الحاجة ما يستعين به
على عبادة ربـه، فـلا يـتـرك كـل شـيء في الدنيا، ولا
يطلب كل شيء من الدنيا.

وكذالك مـن أمـراض الـقـلب الحرص والطمع، وينتج عـن الـحرص والطمع البخل والشح، وهو من أمراض
القلوب، فسـبب البخل والشح الطمع والحرص وحب
الـمـال، وهـذا مـرض عسير العلاج، فإن المال وسيلة
إلى مقصود صحيح، وقد يجعل منه آلة ووسيلة إلى
مـقـاصـد فـاسـدة، فـهـو بـحسـب استـخـدامـه يكون
محمودًا أو مذمومًا.

ولما كـانت الطباع البشرية مـائلة إلى اتباع الشهوات
القاطعة عن سبيل الله، وكان المال مسهلاً وآلة إليها،
عـظـم الخـطر فـيما يزيد على قدر الكفاية من المال،
فـعلـى العـبد القناعة، فإن تشوف إلى الكثير أو طول
أمله فاته عز القناعة، وتدنس -لا محالة- بالطمع وذل
الــحــرص، وجــرّه الــحــرص والـطـمع إلـى مـسـاوئ الأخـلاق، وارتـكـاب المـنـكرات الـخـارقـة للـمروءات، والوقوف بـأبواب اللـئـام.

-فـعـن ابْـنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ يَـقُـولُ:[لَوْ أَنَّ لِابْـنِ آدَمَ مِـثْـلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ
أَنَّ لَهُ إِلَـيْـهِ مِـثْـلَـهُ، وَلاَ يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ].
(البخاري:6437)

ومـن أمـراض القـلـب: الـريـاء والسمعة وأصـله طلب
الـمنـزلة فـي قـلـوب الـنـاس بـإيـرائهم خصال الخير،
والـريـاء مـحـبـط للأعـمـال، وسـبـب للمـقت عند الله
تعالى، وهـو من كبائر الذنوب والمهلكات. 
-فعَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا-رضي الله عنه يَقُولُ:
قَـالَ النَّبِيُّ ﷺ:[مَـنْ سَـمَّـعَ سَـمَّـعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي
يُرَائِي اللَّهُ بِهِ] (البخاري:6499).

فـينبغـي أن يـعلـم الـعبـد أن في إسرار الأعمال جلب
الإخـلاص والنـجاة مـن الـرياء، وفـي الإظـهـار فائدة
الاقـتـداء، وتـرغـيب الناس في الخير. 
قال تعالى:{الَّـذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا
وَعَـلَانِـيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا
هُـمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:274]. 
وقال -سبحانه-:{إِنْ تُـبْـدُوا الـصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ
تُـخْفُـوهَا وَتُـؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ
مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271]، 

أيها الأحباب الكرام عباد الله 
إن من أعـظـم أمـراض الـقلـوب: الـكبـر والعـجب، ولا
يـتـكـبـر إلا مـن اسـتعـظـم نـفسه ورأى لهـا مكانًا، ولا
يـكـون ذلك إلا حـيـن يتـخيل أن لها صفة من صفات
الكمال؛ كرؤية الإنـسـان لـنفسـه أنه في الدين أفضل
مـن غـيـره أو فـي عـلـم أو عمل ما، أو لمزية دنيوية:
كالفخر بالنسـب، والـمـال، والجمال، والقوة، والذكاء.

والحياة كلها لا تستحق أن يتكبر فيها أحد على أحد،
فالـنـاس سواسية كأسنان المشط، ولا فرق، كلنا لادم
وادم مـن تـراب، وكلنا مـن ذكـر وأنثى، وكلنا من ماءٍ
مهين، فينبغي على الإنسان عندما يفكر أن يتغطرس
ويـتكبـر عـلى الناس، أن ينظر لأصل نفسه مما خلق،
فعند إعادة الأشياء الى أصلها تعرف قيمتها.
قال تعالى:{أَلَـمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي
قَرَارٍ مَكِينٍ *إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ}
[المرسلات:20-23].
فـيـذكر الله العباد،انك أيها العبد اصلك من ماءٍ مهين
ضعيف ذليل، فلماذا الكبر والغطرسة والبـطش وأكـل
أمـوال الناس بالباطل والتفاخر بالأحساب والأنساب.

بـارك الله لـي ولـكـم فـي الـقـرآن الـعـظـيـم، ونـفعني
وإيـاكـم بـما فيه من الايات والذكر الحكيم، وأعاذني
وإيـاكـم مـن الـشـيطـان الرجيم، وثبتني وإياكم على
الـصـراط المستقيم، وغسل قلبي وقلبكم بماء اليقين
قـلـت مـاسمـعـتـم وأعـلمـوا أنـه لا إله الا اللهُ ربـكـم،
فـاسـتـغفروا لذنوبكم،وللمؤمنين والمؤمنات انـه هو
الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:
إنَّ الـحمـدَ لله نـحمـدُه ونـستـعينه ونستغفره، ونعوذُ
بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ
فـلا مُـضِـلَّ له، ومَنْ يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا
إله إلا اللهُ وحـده لا شـريـك لـه، وأشـهـد أن مـحـمدًا
عـبـدُه ورسـولـه. ﷺ

أما بـعـد عباد الله فـاتـقـوا الله وأخـلصـوا لـه العـمل،
واحرصوا على طهارة قـلوبكـم وعـلاجـها، ومـن أهـم
الوسائل لطهارة القلب ونقاوته وعلاجه:
-الـلجوء إلـى الله بالـدعـاء وسـؤاله إبـعـاد الـشـيطان
عنكم وعن قلوبكم وأهليكم. 
قال الله تعالى:{وَإِمَّـا يَـنْـزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَّـيْطَـانِ نَـزْغٌ
فَاسْـتَعِـذْ بِـاللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت: 36].

-كذالك العـنـاية في إزالة هذه الصفات المذمومة من
القلوب،فتزيل الغضب بالرضا، وتزيل الكبر بالتواضع،
وتزيل الطمع بالورع، وتـزيل الحسد بمعرفة أن النعم
فضل الله يؤتيه مـن يشاء، وهو أعلم بمن يصلح لها،
وتزيل البخل بالإنفاق.

-كذالك ذكـر الله تـعـالـى والـفكـر، فـكلمـا ألمَّ بقلوبهم
شـيء من تلك الصفات المذمومة ذكروا الله وتفكّروا
فـي حقه، وفيما أمروا به، وفيما نهوا عنه، فعند ذلك
تحصل لهم البصيرة. 
قال سبحانه:{إِنَّ الَّـذِيـنَ اتَّـقَـوْا إِذَا مَـسَّهُـمْ طَائِفٌ مِنَ
الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201].

-كذالك الـحـذروا مـن الـذنـوب، فـإن الـذنـوب تغطّي
الـقلـب وتعميه. 
قـال سـبحانه{كَـلَّا بَلْ رَانَ عَـلَـى قُـلُـوبِـهِـمْ مَـا كَـانُـوا
يَكْسِبُونَ) [المطففين:14].
والـران هــو إسـوداد الـقـلب مـن الـذنـوب، وهـو مـن
أغـلـظ الحـجب عـلـى الـقـلـب، فـإذا كـثـرت الـذنـوب
والـمعـاصـي عـنـد العبد، أحـاطـت بـقـلبـه وتـغـشـتـه.

قال النبي ﷺ[إِنَّ الْـعَـبْـدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي
قَلْبِـهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَ
قَـلْبُـهُ، وَإِنْ عَـادَ زِيـدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَـهُ وَهُوَ الرَّانُ
الَّذِي ذَكَرَ اللهُ (كَـلَّا بَـلْ رَانَ عَـلَـى قُـلُـوبِـهِـمْ مَـا كَـانُوا
يَـكْـسِبُونَ) [المطففين:14]” (أخرجه الترمذي:3334
وحسنه الألباني).
∞هكـذا هم بعض البشر، قد طرأ الران على قلوبهم،
فـأصـبحـوا لا يـميـزون بيـن الحق والباطل، والحلال
والـحـرام، مـانـاسب هواهم عملوا به، وما لم يناسب
هـواهـم كـفروا به وكفروا من يقوم به، فهولاء الذين
قـد طـرأ عـلـى قـلـوبـهـم الـران اصبحوا كما قال الله
تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ
قُـلُـوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
ءَاذَانٌ لَّا يَـسْمَـعُونَ بِهَـآ ۚ أُولٰٓـئِـكَ كَالْأَنْعٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ
أُولٰٓئِكَ هُمُ الْغٰفِلُونَ }[ سورة الأعراف : 179 ].

وتـرى أنـه إذا نـصـحـتهـم وجـهتـم بينـت لهم الحجة
والبرهان، وبينت لهم سبيل الرشد مـن سـبـيـل الغي،
وأثبت مايخالف قولهم، لا يقتنعون ولا يتبعون الحق
ويـقـولون حـسبـنا ماوجدنا عليه أباءنا، فهم كما قال
الله تـعـالى{فَـإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ
أَهْـوَآءَهُـمْ ۚ وَمَـنْ أَضَـلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوٰىهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ
اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظّٰلِمِينَ}[القصص50∞.

عباد الله: إن القلوب لا تتزكى إلا بـالتوحيد والإيمان،
وفـعـل الـواجـبـات والـسـنـن والـمـسـتـحـبـات وتـرك
المحرمات {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [فاطر:18].

فـجـددوا إيـمـانـكـم، وزكـوا قلوبكم، وعمروها بالثقة
واليقين لله رب العالمين،وعودا لربكم فهو الهادي الى
سبيل الرشاد، وأحـذروا الـبـدع والـمهـلكـات، واتـقـوا
الـشـرور والـمـوبـقـات، وأعـملـوا كل خير ينفعكم بعد
الممات.
وصـلـوا وسـلموا على خير البريات، وأرحم الرحمات،
مـن أمـركـم ربـكـم بـالصلاة والسلام عليه في محكم
الأيـات {إن الله ومـلائـكـتـه يـصلون على النبي يايها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}
اللـهـم صـلّ وسـلـم وبارك عليه وعلى اله ومن ترسم
خـطـاه وسـلك دربـه واحـتـكـم الى شريعته الى يوم
الـــديـــن.
اللـهـم طـهـر قـلـوبـنـا مـن النفاق، وأعمالنا من الرياء،
والـسـنتنـا مـن الـكذب، وأعيننا من الخيانة إنك تعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
اللـهـم آت نـفـوسنا تـقـواها، زكها أنت خير من زكاها،
أنـت وليها ومولاها، اللهم زكي قلوبنا بالثقة واليقين،
والوحدانية لك يارب العالمين.
اللـهـم إنـا نـسـألك إيـمـانًا صـادقًا، ولسانًا ذاكرًا، وقلبًا
خاشعًا وتوبة نصوحا، وثـبتـنا علـى الإسـلام، وارزقنا
حلاوة الإيمان، واجعلنا من السعداء يا كريم يا منان.

اللـهـم عـلـيـك بالـمعـتـديـن الـغـاشـمـيـن، والـجـبـابرة
الـطـاغـييـن وعـتـاهـيـة الكـفـر والـمـسـتـكـبـرين، من
الأمـريـكـيـن والاسـرائـلـيـيـن والـعـمـالـة الـعـربـيـيـن
المسترزقين والمتاجرين بأرواح المسلمين.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
ونستعين بك عليهم، ونستنصر بك عليهم، فكن ولينا 
ومولانا وناصرنا يارب العالمين.

عِـبَـاد الله إن الله يـأمـر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي
الـقـربـى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم
لعلكم تذكرون
فــذكـروا الله الـعـلـي العـظـيم يذكركم وشكروه على
نـعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ماتـصـنعـون. 
واقم الصلاة
خطبتي في مسجد زين العابدين - صنعاء
بتاريخ     1441/6/27
الموافق    2020/2/21
🖋مدونة القاضي/بلال حسن عبدالله محمد الهاشمي B~A⚖️

#مُسْتَمِرُون...B~A 
#القَارئون_أذكروا_الله_ﷻ_وصَلُّوا_عَلَى_مُحَمَّد_ﷺ.

لِمُتَابَعَة مدونتي الشَّخْصِيَّة 
https://bilalalhashimy7700b.blogspot.com/ 
لِمُتَابَعَة قَنَاتي عَلَى التلجرام 
https://t.me/bilalalhashimy7700/4/ 
للــــــتـــواصــــــل واتـــــســـــاب 
https://wa.me/967770072262
#ساهم_بالنشر_يكن_لك_أجراً_بإذن_الله. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خدمة السجل التجاري

مساجد صنعاء

نظرية الدفوع في القانون اليمني