أخلاق النبي ﷺ
خطبة بعنوان "أخلاق النبي ﷺ"
الخطبة الأولى
الـحمد لله الغني الكريم على إِفضاله، والشكر له على
تـوالـي آلائِه، نحـمـده سبحـانه وتعالى وهـو المحمود
في أسـمـائـه وصـفـاتـه.
وأشـهـد أنْ لا إله إلا الله وحـده لا شـريـك لـه، ولا نِد
له ولا نَـظـيـر ولا شـبـيـه ولا مـثـيـل.
وأشـهـد أن مـحمـداً عبده ورسوله أشـرف مخلوقاته،
وخـاتـم أنبيائه، أرسله الله رحمة للعالمين.
أمَّـا بـعـد عـبـاد الله فـإن أصـدق الـحـديث كتاب الله
وخـيـر الـهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محداثتها،
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في
النار،وعليكم بالجماعة فمن شذ شذ في النار.
أوصـيكـم بـالتقوى،فما اتقى عبد الا وقي من الشرور
والاثـام،وتـقـوا يـومـاً ترجعون فيه الى الله ثم توفى
كـل نفس ماكسبت وهم لا يظلمون.
أيـهـا الأحـباب الكرام عباد الله أعيش معكم في هذه
الدقائق المباركة بعنوان "أخـلاق الـنـبـيﷺ"
∞الأحـبـاب الـكـرام عـباد الله في نفحات شهر ربيع
الأول،شـهـر ولادة مُـخـرج البـشـرية من الظلمات الى
النور بإذن ربهم،شهر ميلاد قائد الأمة وخاتم الانبياء،
ورحـمـة الله للـعـالـمـيـن.
وبهذه المناسبة العظيمة يلـزمنا أن نـقـف سوياً لنذكر
بـعـضاً من أخلاق النبي ﷺ كجزء بسيط من حبنا له
ﷺ،ولنـعلم قبل كل شي أن حب النبي ﷺ هو إتباع
أوامره وهديه،واجتناب نواهييه،فـمـن يدعي الـحـب
لله أو رسـولـه ويـخالـف مـاجـاء به الله ورسوله فهو
كاذب ومفتري بحب الله،ورسوله ﷺ..
كـيـف لا!؛والله سبـحـانـه وتـعالى يقول {قُلْ إِن كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [ سورة آل عمران : 31 ].
ويقول ﷺ[لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما
جــــــئـــــت بــه].
يــامــدعــي حُـبّ النَّـبِـيِّ وَآلِــهِ
هَل أَنت ملتزم بـذاك وتـقـتـدي
إنْ كُـنْـت مـتبعـاً لِنَهْج مُـحَـمَّـد
فَـمُـحَـمَّـدٌ داعٍ وَلَم يَـسْفِـك دمِ
فامضي بصدق لا تخالف هديه
كُــنّ قُــدْوَة لِلـنَّـاسِ واع مـهتد∞
∞أيـهـا الـمـسـلـمـون عـبـاد الله إن مـيـلاد الـحـبيـب
الـمـصـطـفـى ﷺ،مـنـاسـبة عظيمة،وميلاد أمه،وهذه
الـمـنـاسـبة العظيمة لا تتطلب منا أن نستذكر ميلاده
كـأسـطـورة مـن الأسـاطـير،ولا قـصـة مـن الـقصص،
ولد وتــزوج وهـاجر وجاهد ومات، ولكننا نستذكرها
عـظـات وعـبـر،لـنـسـأل أنـفـسـنـا هـل نحن نتبع هداه
ونـرتـسـم خـطـاه ونـسـلك دربـه،ام أنـنـا مــن أولـئـك
الـمـادحـون الـذين كانوا يتغنون بالأهازيج والأرجايز
في حـبـه ولـيـسـوا مـن الاسـلام فـي شـي وإنـما هم
مـجـرد هـاجـئـون للــديــن،ومــضللون للاسلام، ومن
ناظمين الشعر لهجيه ﷺ∞
∞نتذكر سوياً مجموعة من أخلاق النبي ﷺ لنؤخذ
مـنهـا دروسـاً وعـبـر، ونـقتـدي ونسير على نهجه، ولا
نبتدع في شريعة الاسلام مـما لـم يـأت بـه الاسـلام.
فمن أخلاقه ﷺ "رفضه للتعظيم"يقول عليه الصلاة
والسلام:[لاَ تُـطْـرُونِـي كَـمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ،
فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ].
أي يـقـول:عليه الصلاة والسلام لا تزيدوا في مدحي
لا تـمـدحـونـي بغير الحق، كأن يقال: إنه يعلم الغيب،
أو أنـه يعـبد من دون الله أو أنه ينقذ أقاربه من النار
أو ما أشبه ذلك، لا تطـروني كما أطـرت النـصارى ابن
مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله.
فـنهـى ﷺ عـن تعظيمه فـي حـيـاتـه،وكذالك نهى عن
تـعظيـمه لما بعد مماته فقال ﷺ [اللهم لا تجعل قبري
وثـنـا يـعبـد اشـتـد غـضب الله على قوم اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد].
ومـن أخــلاقــه ﷺ"حسن تعامله في الحرب"فنـحن
الـمسلميـن لا نجـعل الحـرب إلاّ آخر القرارات، ونهاية
الحـلول، ولا نـسعـى إلـيها إلا لردِّ حقٍّ، أو دفعِ شرٍّ، أو
تأمينِ حياة.
فـإذا كـانـت الحـرب ضـروريـة لا مـهـرب مـنـهـا، فـإن
الإسـلام سـعـى إلى ضبط حروب المسلمين بضوابط
أخـلاقـيّـة تـحـمـيـهـا مـن التـدنِّي إلى رذائل الأفعال،
ومنكرات الأمور، وهذا الأمر حثّ عليه الإسلام كثيرًا
فـي كـتـاب الله الـكـريـم، وفـي سُـنّة وسيرة الرسول
العظيم مـحـمـد.
ومشروعية القتال في الإسلام تختلف عن غيرها من
الأنظمة والقوانين،وهي دوافع لا يُنكرها مـنصف، ولا
يـعـتـرض عـلـيـهـا مـحـايـد، وهـذه الدوافع تشمل ردّ
الـعـدوان،والدفاع عن الدين النفس والأهل والوطن.
ومـع أن أهـداف القـتال في الإسلام كلها نبيلة إلاّ أن
رسول الله لم يكن متشوِّقًا لحرب الناس؛ وذلك على
الـرغـم مـن بـدايـتـهـم للـعـدوان، وعـداوتهم الظاهرة
للـمـسلـميـن،وبـاستـقـراء سـيـرة الرسول في المعارك
الـحـربية المخـتلفة -سواء ما فعله بنفسه ، أو ما كان
يُـوصِـي بـه صـحـابتـه جـميعًا في عملياتهم الحربية-
تـتّـضـح لنا مـلامـح مـنهج الأخلاق الرائع الذي طبّقه
عمليًّا في حياته.
وإن الـمتأمل لحروب رسول الله ﷺمع أعدائه سواء
مـن المشركين، أو الـيهـود، أو الـنصـارى، ليجِد حُسن
خُـلـق رسـول الله مـع كل هؤلاء الذين أذاقوه ويلات
الظلم والحـيـف والبطش، إلاّ أنه كان يعاملهم بعكس
معاملاتهم له.
فـإذا تـأمّـلْنـا وصـية رسول الله لأصحابه المجاهدين
الـذيـن خـرجـوا لـرد الـعـدوان نجد في جنباتها كمال
الأخـلاق ونُـبـل المقصد فها هو ذا رسولُ الله يوصي
عـبـد الـرحـمـن بـن عوف عندما أرسله إلـى قـبـيـلـة
كـلب النصرانية الواقعة بدومة الجندل؛ قائلاً: "اغْزُوا
جـمِيعًـا فِي سبِيلِ اللهِ، فقاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، لا تغُلُّوا،
ولا تـغْـدِرُوا، ولا تُـمثِّـلُوا، ولا تـقْتُـلُوا ولِيدًا، فهذا عهْدُ
اللهِ وسِيرةُ نبِيِّهِ فِيكُمْ".
وكـذلك كـانت وصية رسول الله للجيش الـمتّـجـه إلى
مـعـركـة مـؤتة؛ فـقد أوصاهم قائلاً: "اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ
فِـي سبِـيلِ اللّهِ، قاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، اغْزُوا ولا تغُلُّوا،
ولا تغْدِرُوا، ولا تمْثُلُوا، ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، أوِ امْرأةً، ولا
كبِيرًا فانِيًا، ولا مُنْعزِلاً بِصوْمعةٍ".
فـهـذه وصـايـاه في الحرب،وفي التعامل وفي الهدي
الـنـبـوي والـمـولـد الـنـبـوي نـسـتـذكر هذه التعاملات
الاخـلاقية كونها تتناسب مع واقعنا اليوم،لنعرف هل
نـحـن نطبق مـانقول،ام مجرد كلام باللسان وليس له
علاقة بالتعامل مع الانسان!
نهى عليه الصلاة والسلام من الدخول لإنـسـان وهـو في صومعته يتعبد؛ واليوم يُـدخل للـمـسـلـمـيـن الى
المساجد لـسحلهـم، وقـتلـهـم،وأزهـاق أرواحواحهم؛وهم يتلون الكتاب،ويذكرون الله،ويصلون!.
فحسبنا الله ونعم الوكيل،ولا حول ولا قوة الا بالله
العلي العظيم.
كـذالك مـن أخــلاقــه ﷺ عـدلـه ﷺ فـي الـحـروب
كـان رسـول الله فـي حـروبه عـادلاً؛ فـلا يتجاوز في
عـقـاب المـحـاربيـن أو مـن أرادوا خـيانته، تدلُّنا على
ذلك مـواقـف كـثـيرة فـي حياته؛ منها موقف عجيب
مـع الـيـهـود الـذيـن دسُّـوا لـه السُّمّ ليقتلوه بعد فتح
خيبر! قال أبو هريرة : لما فُتحت خيبر أُهديتْ للنبي
شاة فيها سُمٌّ،فقال النبي:"اجْمعُوا إِليّ منْ كان ها هُنا
مِنْ يهُود". فجُمِعُوا له فقال: "إِنِّي سائِلُكُمْ عنْ شيْءٍ،
فهلْ أنْتُمْ صادِقِيّ عنْهُ؟" فـقالوا: نعم. قال لهم الـنبـي
"مـنْ أبُـوكُـمْ؟" قـالـوا: فلان. فقال: "كذبْتُمْ، بلْ أبُوكُمْ
فُلانٌ". قالوا: صدقْت.
قـال: "فـهـلْ أنْـتُمْ صادِقِيّ عنْ شيْءٍ إِنْ سألْتُ عنْهُ؟"
فقالوا: نـعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما
عرفـتـه فـي أبـيـنـا. فقال لهم: "منْ أهْلُ النّارِ؟" قالوا:
نكون فيها يسيرًا ثمّ تخلفونا فيها. فقـال الـنـبـي ﷺ
"اخْـسـئُوا فِـيـها، واللّهِ لا نـخْلُفُكُمْ فِيها أبدًا". ثم قال:
"هـلْ أنْـتُـمْ صـادِقِـيّ عـنْ شـيْء إِنْ سـألْـتُـكُـمْ عنْـهُ؟"
فـقـالـوا: نعم يا أبا القاسم. قال: "هلْ جعلْتُمْ فِي هذِهِ
الشّاةِ سُـمًّا؟" قالوا: نعم. قال: "ما حملكُمْ على ذلِك؟"
قـالـوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح، وإن كنت نبيًّا لم يضرّك.
أنظروا الى هديه ﷺ كـيـف قـام بـتـحـقـيـقٍ هــادئ
وحـوار هـادئ غـيـر مـنـفـعـل مـع اليهود الذين دبّروا
مـؤامـرة اغتـياله، وأقام عليهم الحُجّة حتى اعترفوا
بألسنتهم بأنهم دبّروا محاولة القتل.
فهنا يضع لنا أسلوب الحوار،وان الوصول للحقيقة لا
يكون بالقوة والـعـنـف والادعـاءات والتـهـويل وانمـا
بـاللـيـن واللطف، ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا
من حولك.
كـذالك مـن أخــلاقــه ﷺ رحــمــتــه فـي الـحــروب
ولعلّ مـن أبـرز أخلاق النبي في حروبه خُلق الرحمة؛
فـلقد كان رسول الله رحيمًا بالطفل الصغير، والشيخ
الـكـبـيـر، والنساء والمرضى والعاجزين، وكان رسول
الله ﷺ يـوصـي قـادة الـجُند بالتقوى ومـراقبة الله؛
لـيـدفعـه إلى الالتزام بأخلاق الحروب، وبالرحمة في
المعاملات حتى في غياب الرقابة البشرية عليه، ولم
يكن يكتفي بذلك بل كان يأمر أوامر مباشرة بتـجنُّب
قتل الولدان والشيوخ والنساء.
يـقـول بـريـدة: كـان رسـول الله إذا أمّـر أمـيـرًا عـلى
جـيـشٍ أو سريّةٍ أوصاه في خاصّته بتقوى الله ومن
مـعـه مـن الـمـسـلـمـين خيرًا، وكان مما يقوله: "...ولا
تقْتُلُوا ولِيدًا...".
وكان رسول الله ينهى عن قتل النساء؛ فعن رباح بن
ربيعٍ قال: كـنّـا مع رسول الله في غزوةٍ، فرأى النّاس
مجتمعين على شيءٍ؛ فبعث رجلاً فقال: "انْظُرْ: علام
اجْتـمع هؤُلاءِ؟" فجاء؛ فقال: على امرأةٍ قتيلٍ. فقال:
"ما كـانتْ هـذِهِ لِتُقاتِل". قال: وعلى المقدِّمة خالد بن
الوليد؛ فبعث رجـلاً فقـال: "قُلْ لِخالِدٍ: لا يقْتُلنّ امْرأةً
ولا عسيفاً.،،والعسيف هو الأجير.
ومـن أخلاقه ﷺ أنه لا يقاتل من أكرهوا على القتال
فكان يعذر أولئك الذين أُكرهوا على القتال،فقد روى
ابـن عبـاس -رضي الله عنهما- أن النبي قال لأصحابه
قُـبـيْـل غـزوة بـدر: "إنِّـي قدْ عرفْتُ أنّ رِجالاً مِنْ بنِي
هـاشِـمٍ وغـيْـرِهِـمْ قـدْ أُخْـرِجُـوا كـرْهًـا، لا حـاجة لهُمْ
بِـقِـتـالِـنـا،فـمـنْ لـقِـي مِنْـكُـمْ أحدًا مِنْ بنِي هاشِمٍ فلا
يقْـتُـلْهُ ، ومـنْ لقِي أبـا الْبخْترِيِّ بْن هِشامِ بْنِ الْحارِثِ
بْنِ أسدٍ فلا يقْتُلْهُ، ومنْ لقِي الْعبّاس بْن عبْدِ الْمُطّلِبِ،
عـمّ رسُـولِ اللهِ فلا يقْتُلْهُ فإِنّهُ إِنّما أُخْرِج مُسْتكْرهًا".
ومـن أخـلاقـه ﷺ "وفائه في الحرب"كان النبي ﷺ
حـريـصًـا عـلـى أن يـغـرس في نفوس الصحابة خُلق
الـوفـاء فـي الـحـرب؛ فـقد كان يودِّع السرايا موصِيًا
إيّاهم: "... ولا تغْدِرُوا..". وقد وصلت أهمية الأمر عند
رسـول الله أن يـتبرّأ من الغادرين ولو كانوا مسلمين،
ولـو كـان المـغدورُ به كافرًا؛ فقد قال النبي "منْ أمّن
رجُـلاً على دمّهِ فقتلهُ، فأنا برِيءٌ مِن القاتِل، وإِنْ كان
المقْتُولُ كافِرًا".
وكـان رسـول الله حـريـصًـا كـل الـحـرص علـى حقن
الـدمـاء، فيـقبل إسـلام الـشـخـص مـهـما كان تاريخه
الـعـدائي؛ ومـن أمثـلة ذلك مـا رأيناه منه عندما أنكر
عـلـى أسـامـة بـن زيد -رضي الله عنهما- قتله لمشرك
مـحـارب بـعـد أن أعـلـن إسـلامه، مع أن كل الظروف
كـانت تشير إلى أن المشرك لم يعلن إسلامه إلاّ تقِيّة!
أي خوفاً على نفسه.
فـقـد روى الإمـام مـسلم أن رسول الله بعث بعثًا من
المسلمين إلى قومٍ من المشركين، وأنهم التقوا، فكان
رجـل مـن المـشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من
المسلمين قـصـد لـه فـقتـله، وأن رجـلاً من المسلمين قـصـد غـفلته قال -أي الراوي: وكنا نُحدّث أنه أسامة
بـن زيـد- فـلمّـا رفـع عليه السيف، قال: لا إله إلا الله.
فـقتلـه، فجاء البشير إلى النبي، فسأله فأخبره، حتى
أخبره خبر الرجل كيف صنع، فدعاه فسأله فقال: "لِم
قـتـلْـتـه؟!" قـال: يـا رسول الله، أوْجع في المسلمين،
وقتل فلانًا وفلانًا. وسمّى له نفرًا، وإني حملت عليه،
فلمّا رأى السيف؛ قال: لا إله إلا الله.
قـال رسـول الله "أقتلْتهُ؟!" قـال: نـعـم. قـال: "فكيْف
تـصْـنـعُ بِـلا إِله إِلاّ اللّهُ إِذا جاءتْ يوْم الْقِيامةِ؟!" قال:
يا رسـول الله، استغفر لي. قال: "وكيْف تصْنعُ بِلا إِله
إِلاّ اللّهُ إِذا جاءتْ يوْم الْقِيامةِ؟" قال: فجعل لا يزيده
عـلـى أن يقول: "كيْف تصْنعُ بِلا إِله إِلاّ اللّهُ إِذا جاءتْ
يوْم الْقِيامةِ؟".
فـكـم الـيوم دماء زهقت بلا حق،كم من لا إله الا الله
ستأتي تحاجج يوم القيامة.،فـتـذكـروا هــذا الموقف
يوم لا ينفع مال ولا بنون،كيف سنفعل بلا إله الا الله
إذا جاءت تحاجننا يوم القيامة.
كـذالك من أخلاقه ﷺ" تـعـامـلهﷺ بالعفو والصفح"
إن المـعارك الـتـي خـاضـها رسول الله والمسلمون لم
تـكـن بهدف الانتقام؛ لذلك كان تعامله مع المهزومين
تـعـامـلاً يـتّـسـم بالحسنى والعفو والصفح، بل وينكر
وبـقـوّة عـلـى مـن يخالف هذا الأمر؛ ومن نماذج هذا
الـــعــفـــو
روى مـسـلـم في صحـيـحه في أحداث الحديبية عن سلمة بن الأكوع، قال: "ثـم إن الـمـشـركـيـن راسـلونا الـصـلـح حـتـى مـشـى بعضنا في بعض واصطلحنا...
قـال: فـلمّـا اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا
بـبـعـض أتـيـت شجرة؛ فكسحت شوكها؛ فاضطجعت
فـي أصلها. قـال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل
مـكـة فـجـعـلـوا يـقعـون في رسول الله ؛ فأبغضتهم،
فـتـحـوّلْـتُ إلى شـجـرة أخــرى، وعـلّـقـوا سـلاحـهـم
واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادٍ من أسـفل
الوادي: يا للْمُهاجرين! قُتِل ابنُ زُنيْم.
قـال: فـاخـتـرطـت سـيفـي، ثـم شـدّدت عـلـى أولئك
الأربـعـة وهـم رُقُود، فأخذت سلاحهم، فجعلته ضِغثًا
فـي يـدي. قـال: ثـم قـلـت: والذي كرّم وجه محمد لا
يـرفـع أحـد مـنـكـم رأسـه إلاّ ضربت الذي فيه عيناه.
(يعني: رأسه). قــال: ثــــم جـئـت بـهـم أسـوقهم إلى
رسـول الله ، وجـاء عـمِّـي عامر برجل يقال له: مِكْرزٌ
يقوده إلى رسول الله ﷺ على فرس في سبعين من
الـمـشـركـيـن، فـنـظر إليهم رسول الله فقال: "دعُوهُمْ
يـكُـنْ لـهُـمْ بـدْءُ الْفُجُورِ وثِناهُ". فعفا عنهم رسول الله
وأنـزل الله: {وَهُـوَ الَّـذِي كَـفَّ أَيْـدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ
عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَمِنْ بَعْدِأَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ[الفتح 24]
هكذا في بساطة من الأمر ويسر، لم ينتقم النبي ﷺ
فيـسفـك الدماء، وينتهك الأعراض، وينهب الدُّور، بل
العـــفو هـو شـيـمـة رسـول الله فـي كـل وقتٍ، وفي
مواجهة كل عدُوٍّ، ثم إن رسول الله لم يكن يعفو عن
الأفراد الذين لا يُقدِّمون كثيرًا ولا يُؤخِّرون في سير
الأحـداث فقط، بل كان يعفو عن شعوب كاملة، ومن
أشـهـر مـواقـفـه في هـذا الصدد عفوه عن أهل مكة؛
حـيـث قال رسول الله لهم: "يا معْشر قُريْشٍ، إنّ الله
قـدْ أذْهـب عـنْـكُـمْ نـخْـوة الْجـاهِلِيّةِ وتعظُّمها بِالآباءِ،
الـنّـاسُ مِنْ آدم وآدمُ مِنْ تُرابٍ". ثم تلا هذه الآية: {يَا
أَيُّـهَـا الـنَّـاسُ إِنَّـا خَـلَـقْـنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُـعُـوبًا وَقَبَـائِـلَ لِتَـعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيـمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. ثم قـال رسول
الله: "يـا مـعْـشـر قُـريْـشٍ، ما تُروْن أنّي فاعِلٌ فِيكُمْ؟"
قــالـوا: خـيـرًا، أخٌ كـريمٌ وابن أخٍ كريمٍ. قال: "اذْهبُوا
فأنْتُمُ الطّلقاءُ".
وهـكـذا كـانـت أخلاق النبي في حروبه وبعد حروبه،
فـمـا أروعها من أخلاق تدلُّ دلالة واضحة على صلته بربه الذي أدبه فأحسن تأديبه!.،وعلينا أن نقتـدي بـه
ولا سيماء في أيام مولده،لان مولده فرصة لتـجديـد
الاتباع والامتثال.
بـارك الله لـي ولـكـم فـي الـقـرآن الـعـظـيـم، ونـفعني
وإيـاكـم بـما فيه من الايات والذكر الحكيم، وأعاذني
وإيـاكـم مـن الـشـيطـان الرجيم، وثبتني وإياكم على
الـصـراط المستقيم، قلت ماسمعتم وأعلموا أنه لا إله
الا اللهُ ربكم،فاستغفر لذنوبكم،وللمؤمنين والمؤمنات
انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحـمـدلله ولـي الصـالـحيـن، ونشهد ان لا اله الا الله
ولي المتقين، وان محمد عبده ورسوله خاتم الانبياء
والمرسلين.
امـا بـعـد عـبـادالله
لقـد سردنا مجموعة من أخلاق النبي ﷺ على سبيل
الـمثال والإيجاز،واستفهمنا منها العظات والعبر التي
يمكن أن نستلخصها ونبرهنها في أرض الواقع.
فمولد الحبـيب المصطفى ﷺ فرصة لتجديد المحبة
له،وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وكذالك فرصة لِتَذَكر
سيرته ﷺ، والاقتداء بها والسير على طريقها، وعدم
الخوض بما يخالفها.
بـمـا سردناه مـن مـواقف شيقه، يوضح لنا النبي ﷺ
ويامرنا بعدم سفك الدماء وقتل الارواح،وعدم اكراه
النـاس في الدين،وعــدم مـقـاتـلـة مـن أكـرهـوا عـلـى
الـقـتـال، والــوصــول الـى الـحـل عـبـر الــصلح والود
والـقـوانـيـن الاسـلاميـة السامية والتفاهم والــحــوار
وتـبـادل الاراء، دون تـكميم ولا تقسير ولا تهجير...
ويبـين لـنا الحبيب المصطفى ﷺ ان الحرب بالنسبة
للـمـسـلـمـيـن مـاهـي الا للضرورة للدفاع عن الكليات
الـــخــمــس، والــدفــاع عــن الدين والوطن، وليست
للانتـقـامـات والمـصـالـح وسـفـك الـدمـاء والمتاجرة بالارواح..
لـن نـكـل ولـن نـمل من ذكر سيرة الحبيب المصطفى
ﷺ، ولـن تكفينا الخطبة ولا الخطبتان ولا السنة ولا
السنتان،في ذكر أخلاقه وسيرته العطرة ﷺ، اكـتفي
بـمـا قـلـتـه لـكـم.
صلوا وسلموا على علم الهدى والقدوة المهتدى عملاً
بـقـول الله جـل وعـلا{إن الله وملائكته يصلون على الـنبـي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، اللـهـم صـل وسـلـم وبـارك وكـرم عـلـى عـبدك ونبيك
مـحـمـد وعـلى اله وصحابته اجمعين وعلى التابعين
ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.
اللـهـم عـزنا بعزك، وأكرمنا بفضلك، واحفظنا بحفظك
وكلأنا بـرعـايـتـك، ولا تـجـعـل للـمجرمين والكافرين
علينا سبيلا يارب العالمين.
اللـهـم ارم الـظالمين بالظالمين، وارحنا منهم اجمعين
واخـرجنا من فتنتهم سالمين غانمين فرحين امنيين
مـستبـشرين بالجنة مع الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون.
اللـهـم علـيـك بـاليهود المعتدين والصهاينة الغاشمين
وجـــمـــيـع المــجــرمــيــن والـظـالـمـيـن والمتكبرين
والـمـسـتـكـبـريــن مــن الـغـربـيـن والـعـرب الـعـمـلاء
المسترزقين، ياأكرم المستغيثين.
اللـهـم اهـلك الـطـغـاة والمتجبرين والباطشين، وارح
العباد والبلاد منهم يارب العالمين، اليك نشكوا واليك
نلتجي فلا تردنا خائبين يارب العالمين
عِـبَـاد الله إن الله يـأمـر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي
الـقـربـى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم
لعلكم تذكرون
فــذكـروا الله الـعـلـي العـظـيم يذكركم وشكروه على
نـعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلـم ماتصـنعـون.
واقم الصلاة
خطبتي في مسجد زين العابدين - صنعاء
بتاريخ 1441/3/11
الموافق2019/11/8
🖋مدونة القاضي/بلال حسن عبدالله محمد الهاشمي B~A⚖️
#مُسْتَمِرُون...B~A
لِمُتَابَعَة مدونتي الشَّخْصِيَّة
https://bilalalhashimy7700b.blogspot.com/
لِمُتَابَعَة قَنَاتي عَلَى التلجرام
https://t.me/bilalalhashimy7700/4/
للــــــتـــواصــــــل واتـــــســـــاب
https://wa.me/967770072262
تعليقات
إرسال تعليق