خطبة بعنوان "الألفة بين المسلمين"

خطبة بعنوان"الالفة بين المسلمين"
الخطبة الاولى
الـحـمد لـلـه بـصـفـات الـحمد على كل المحامد والنعم
ونـستعين بـك ياربنا إذا تاهت علينا الخطوب وحارت
قدم،ونـستـهدي ونسـترشد بـك إذا الـمـت علينا الـفتن
ماظهر منها وما بطن.

وأشـهـد أن لا إله إلا الله وحـده لا شـريـك لـه،حـبـيـب
الـتـائبـين ومـلاذ الـهاربـين وأمـان الخائـفـين ودلــيـل
الـحـائـريـن.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله امام المتقين،وخـاتـم
الانـبــيــاء والـمــرسـلـيـن،وقـائـد الـغـر الـمـحـجـلـيـن.
صلى الله عليه وعلى أله عـدد ما ماغـرد كل طائر،وما
غنت على الايك الحمائم،وصـلوات ربي تغشاه عدد مَا
غَـرَّدَ بُلْـبُـلٌ وَصَـدَحَ، وَمَا اِهْتَدَى قَلْبٌ وَاِنْشَرَحَ، وَمَا عَمَّ
فِينَّا سُرُورَ وَفَرِحٌ.وسلم تسليماً كثيراً الى يوم الـديـن.

أما بعد عباد الله..
أوصيكم ونفسي بوصية الله سبحانه وتعالى لنا ولمن
كـان قـبـلنا من أهل الكتاب أن {اتقوا الله وإن تكفروا
فـإن لله مـافـي الـسمـوات ومـا فـي الارض وكـان الله
غنياً حميدا}النساء:131
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْـتُـمْ مُـسْـلِـمُـونَ،واعـتـصـمـوا بـحبل الله جميعاً ولا
تفرقوا...}[آل عمران:103،102]،

أمـــا بـعـد عـبـاد الله أعـيـش مـعـكم في هذه الدقائق
المباركة بعنوان   "الألفة بين المسلمين"

أيها المؤمنون عباد الله... إن مـن أعظم ما أمر الله به
الـمـؤمنـين هــو التآلف، والتآزر، والمحبة؛ فالألفة بين
الناس، والـمـحـبة بـينهم يجلب لهم رضا الله ورحمته،
فـعـن جـابـر ابـن عـبدالله رضي الله عنه قال: قال ﷺ
(المـؤمـن يـألـف ويـؤلـف،ولا خـيـر في من لا يألف ولا
يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)(حسنه الألباني).

الـمـؤمـن يـألـف : لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين
جانبه.
ولا خير فـيمـن لا يألف ولا يؤلف لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه.

وقالﷺ:(إن أحبكم إليَّ أحاسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون) قــال الألـبـاني: حـسن لغيره).

فالألفة بين المؤمنين ثَمَرَة حُسْن الْخلق والتفرق ثَمَرَة
سوء الْخلق،،،،، فَحُسن الْخلق يُوجب التحبب والتآلف والتوافق، وَسُــوء الْـخـلـق يُثـمـر التبـاغض والتحاسد والتناكر.

قـال ﷺ(خـيـار أئـمـتـكـم الـذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)(رواه مسلم).

فالـدين الاسلامي جعل خيار الناس  هم الذين يألفون
ويـؤلـفـون، وخـاصـة حـيـن يـكـونـون فـي الـمـنـاصب و الـمـسـؤولـيـات، فـيـعـمـلـون بـواجـبـهـم عـلـى أكمل وجه واحسنه.

وإن الـمـجـتمـع المتآلف ياأحبتي في الله مجتمع قوي
متماسك، بـخـلاف الـمجتمع المتنافر الذي فقد المحبة
والألـفـة فـإنـه مـجـتـمع تنتشر فيه البغضاء، والفرقة،
والعداوة، وإذا تلاشت الألفة بين أفراد المجتمع زالت
عـنـهـم أسـباب القوة والهيبة، وإذا زالت عنهم أسباب
القوة كان التفرق والفشل.

ولـهـذا يـقـول الله -سـبـحانه وتعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ
وَرَسُــولَـهُ وَلَا تَـنَـازَعُـوا فَـتَـفْـشَـلُوا وَتَـذْهَـبَ رِيـحُـكُـمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 46].

ايها الاحباب الكرام عباد الله: إن من محاسن الإسلام
العظام، أنــه أمــر الــمـسـلمين بالأُلـفة والمحبة بينهم،
وحـثـهـم عـلـى الـتـآخـي والمودة، وقدّم الأمر بالتآلف
والـتـآخـي على كل أمر، وبدأ به قبل كل شيء.
يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَاعْـتَـصِـمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِـعْـمَـتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ
أَعْــدَاءً فَـأَلَّـفَ بَـيْـنَ قُـلُـوبِكُمْ فَـأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
وَكُـنْـتُـمْ عَـلَـى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103].

إن هــذه الآيــة الـعـظـيـمـة تـأمر بالاعـتصام والتآلف،
والـمحبة والمودة، وتذكِّر المسلمين بما كانوا عليه من
قـبـل مــن تـنـافـر وتـفـرُّقٍ وشـتـات، وتـحثهم على أن
يـحـمـدوا الله -سـبحـانه وتعالى- ويشكروه على هذه
النعمة العظيمة، والمنة الكبيرة، نعمة الألفة والمحبة.

كـمـا أن هـذه الآيـة الـجليلة تبيّن أن الألفة بين الناس
لن تكون إلا عبر دين الله، ولن يؤلف بين قلوب الخلق
إلا شـرع الله؛ فـمـهـمـا حـاول الناس أن يجتمعوا على
أمـر دنـيـوي، أو يـتـآلـفـوا عـلـى مـصـالـح مـشـتـركـة،
أو تـجـمـعهم روابط شـخـصـيـة أو حزبية أو طائفية،
أو سـلالـيـة،أو مـنـاطـقـية؛ فإن هذا كله مردود عليهم
ولـن يـؤلِّـف بـيـن قلوبهم، ولن يجمع شتاتهم، ولن يلمّ
شـعـثـهم،ولـن يـوحـد صـفـهـم، وإن حـصمل ذلك فهو
مـؤقـت يـزول بــزوال الـسـبـب الـذي بـنـي عـلـيـه، بل
سيزيدهم هذا تفرقاً وتنافراً، وحقداً وحسداً،وتباغضاً وتنافرا،وكراهية شديده.

وفـي هـذه الايـة العظيمة يذكِّرنا الله سبحانه وتعالى
بـهـذه الـنـعـمـة الـعظيمة نعمة الدين التي هي السبب
الأعظم،والباعث الأكبر،في خلق الألفة بين المسلمين،
وإيـجـاد الـمـحـبة الـحقـيقـية في قلوبهم، بعد أن كان
بـعضـهم يـعـادي بـعضاً؛ فيذكرنا بقوله(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْـبَحْتُمْ
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 103].

فـعلـيـنا عـبـاد الله أن نـعـي ونـفـهم ونـستوعب ونعلم
أن أُلـفـتنـا لن تـتم إلا بالدين، والمحبة لن تقع بيننا إلا
بـواسـطة الـدين، وشـتاتنا واخـتلافاتنا كلها لن تنتهي
إلا بالألفة والمـحبة الــتـي تـقـوم عـلـى أُســس دينية،
وثوابت إسلامية؛كما قال-تعالى-: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُـوبِهِمْ
لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَـمِـيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُـلُـوبِهِـمْ
وَلَـكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال:63].

ولـنأخذ القدوة والأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم-
آخـى بـيـن المـــهاجـرين والأنصار، والأوس والخزرج،
الــــذين كــان يــعـادي بــــعــضهم بعــضاً، ولا يكادون
يـجـتمعون إلا في الشر والحرب، وكان من المستحيل
جمعهم في مجلس واحد؛ فضلاً أن يكون بينهم وفاق
ومحـــــبة وتآلــــف، لكن لما دخلوا في الإسلام وآخى
النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم حدث أمر عجيب،
تـآلفت قلوبهم ألفة غير عادية، وأصبحت بينهم محبة
صــادقة، وتـــقارب مذهل، لم يكن ليحدث بغير أخوة
الــدين،ووصـــلت الــمــحبة بيـنهم الى تقاسم الاموال
والمزارع والبيوت...

فـالأُلـفـة التـي لا تكون لله، سرعان ما تزول، وتتحول
إلــى عـــداوات ونــفرة، وشـر وقطيعة، وكم رأينا من
صـداقات حميمة تحولت إلى شر وعداوة؛ لأنها قامت
عـلى أخـوة غـيـر إسلامية!.
يـــــقول الله -تـعالى- (الْأَخِــلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
عَـــدُوٌّ إِلَّا الْـــــمُـــــــتَّقِينَ)[الزخرف: 67].

ونـحن في هذا الوقت الراهن،المليئ بالفتن والاقتتال
وسـفـك الـدماء،وزهــــق الارواح،،أحــوج مانكون الى
الألـفـة والمـحبة،والتـواصي بالحق والتواصي بالصبر والـمـرحمة...

ديـنـنا ســــــلام،،ديننا محبة وعطاء،ديننا ألفة وإخاء.
لـــمـــاذا الفرقة والاختلاف،لماذا التخاذل والاختلاف.

يـكـذب فـــيـــنا مـن يدعي الاخوة في رسالته ويحمل
الـبـغـضـاء فـي قلـــبه،يـكذب فـيـنا مـن يـدعـي الأمن
وبنـدقيته فـي كتفه ليقتل اخاه،يكذب فينا من يدعي
الـسـلام ونـظـرة الكراهية لاخيه في عينه،يكذب فينا
مـن يـــدعي الوحــدة وشـعاره النفرة والتفرقة،يكذب
فــيــنا مــن يدعي الالفة ولا يسأل عن جاره وصاحبه.

فــالنــتقي الله فــي أنـفــسنا حق التقوى،ولنتوب اليه
بالــسر والنـــجوى،فالله لا يغـــير مابقوم إلا إذا غيروا
مابـــأنفسهم،فالـنتقي الله ربنا ونتوب اليه،ونستـغفره
ونـسـأله جـل وعـلا أن يــبارك لـنـا في القرآن العظيم،
ويـنـفـعـنا وإيــاكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم،
ويـعـيـذنـي وإيــاكم مــن الشــيطان الرجيم، ويثبتني
وإيــاكم عـــلى الـــــــصراط المستقيم، قلت ماسمعتم
وأعــــــلموا أنه لا إله الا اللهُ ربكم، فاستغفر لذنوبكم، وللمؤمنين والمؤمنات،انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الــــــــحمدلله الـــذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق
لــيــظهره عـلـى الــدين كـــــــــله ولـــو كره الكافرون.
ونـــــشــــــهد ان لا اله الا الله الــمــــلك الحق المبــين
ونـــــشهد ان نبينا محمد ﷺ امـام الانبياء والمرسلين

ثــم أما بعد عباد الله
لقد ضعفت الألفة والمؤاخاة بيننا ضعفاً كبيراً، وأثَّرت
علينا مكاسب الدنيا تأثيراً واضحاً، وصرنا ينفر بعضنا
من بعض، وقلَّت الرحمة في قلوبنا، وحصل التـجافي
بيننا إلا من رحم الله منا.

إنــــها مأساة!!! عظيمة نعيشها،ونفورٌ كبير نلمسه في
واقعنا هذا، وكـان المفترض أن نقتدي بحال الصحابة
الكرام، الذين وصفهم الله بالرحمة فيما بينهم؛ (مُحَمَّدٌ
رَسُــــــولُ اللَّهِ وَالَّـــذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ
بيــــنهم)[الفتح: 29].

فالإســـلام  أوصـى بالألفة بل ووضع لنا أسباباً يسيرة
لتــــــــدخل الالــفة والمـــــحبة بــــين المسلمين فقال
ﷺ(لَا تَـــدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى
تَحَـــابُّوا، أوَلَا أَدُلُّـكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟
أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ“(رواه مسلم)
إفشاء السلام شيئ يسير لا يأخذ منا مال ولا جاه ولا
سلطان،تــحية الاســــلام وتحية اهل الجنه (تحـيتهم
يوم يلقونه سلام)سـلم حين تلتقي وسلم حين تفترق
فـــلهو أجر عظيم ، والأرواح جــنود مجندة ما تعارف
منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

وصـلـوا وسـلـموا رحـمكم الله عــلـى مـن أمـركم ربكم بـالــصـلاة والـسـلام عـلـيه؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَـلَـى الـنَّـبِـيِّ يَــا أَيُّـهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك وكرم على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وأصحابه صلاة وسلاماً متلازمتين الى يوم البحث والنشور.

اللـهـم الـف بـيـن قـلـوبنا، ووحـد صـفنا، وجمع كلمتنا، وأنصرنا على أعدائنا، وأصلح ذات بيننا، وجمع شملنا وشتاتنا يارب العالمين.
اللهم اصلح من في صلاحه صلاح للاسلام والمسلمين واهـلـك مـن فـي هـلاكـه صـلاح للاسـلام والـمـسلمين
اللهم وفق خصماء اليمن للوفاق والاتفاق، والـبعد عن الخلاف الشقاق، والفرقة والاختلاق، لما فيه مصلحة
البلاد والعباد.
اللهم أجلعنا من الطائفة الذين هم ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم يارب العالمين.

اللهم يارب إنا واقفون بالباب،طالبين القرب والوصال
مـرتــجــين ظل الأفـنـان، وصابريـن فـي كل الاحوال،
نابذين الـــــظــــــلم والعدوان، والجور والمر وتقلبات
الازمان، فأكـــرم ياربـنا بـلادنـا بغيث مــدرار،وفجر لنا
في أرضــنا العــيــون والانـهـار، وأكـرم قــلوبـنـا بغيث
الــحب والـمـحـبـة والألـفـة والايـمـان، وأكرمنا بحلية
الــقرآن، وأسكنا الجنان ذوات الافنان يارب العالمين.

عِـبَـاد الله { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْـسٰنِ وَإِيتَآئِ ذِى الْقُرْبٰى وَيَنْهٰى عَنِ الْـفَـحْـشَـآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[ سورة النحل : 90 ]
فذكروا الله العلي العظيم يذكركم وشكروه على نعمه يزدكم ولــذكر الله اكبر،والله يعلم ماتصنعون.
واقم الصلاة...
خطبتي في مسجد زين العابدين - صنعاء
بتاريخ 1441/1/28
الموافق 2019/9/27
🖋مدونة القاضي/بلال حسن عبدالله محمد الهاشمي B~A⚖️
#مُسْتَمِرُون...B~A
لِمُتَابَعَة مدونتي الشَّخْصِيَّة
https://bilalalhashimy7700b.blogspot.com/
لِمُتَابَعَة قَنَاتي عَلَى التلجرام
https://t.me/bilalalhashimy7700/4/
للــــــتـــواصــــــل واتـــــســـــاب
https://iwtsp.com/967770072262

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خدمة السجل التجاري

مساجد صنعاء

نظرية الدفوع في القانون اليمني