الفرق بين القرية والمدينة
#الفرق_بين_المدينة_والقرية_في_القرآن
فسر الدكتور علي الكيالي الفرق بين القرية والمدينة
كالتالي:
#الـقـريـــة: لا تسمى "قـريـة" إلا إذا كـان سكانها من
نسـيج واحد مؤتلف؛ كأن يكونوا من نسب واحـد، أو
عقيدة واحدة، أو صفة واحدة، والقـرية: عـنـده هـي
الـقـرية الـمـعـروفـة لـديـنـا الآن، والتـي لا يـزيد عدد
سكانها عن بضعة آلاف نسمة..
#الـمـديـنـة: عـنـده هـي البلدة التي يسكنها أشخاص
ليسوا من نسيج اجتماعي واحد، وهي في رأيه أكبر
من القرية مساحة وأكثر سكانا.
واستدل على ما ذهب إليه بما يلي:
1_قوله تعالى {وَكَـأَيِّـنْ مِـنْ قَـرْيَـةٍ هِـيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ
قَـرْيَـتِـكَ الَّـتِـي أَخْـرَجَـتْـكَ أَهْلَـكْـنَاهُـمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ}
[محمد:13]
2_قـولـه تعالى {وَمِـمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ
وَمِـنْ أَهْـلِ الْمَـدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}[التوبة: 101]
3_قوله تعالى {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ
الْأَعْـرَابِ أَنْ يَـتَخَلَّفُـوا عَـنْ رَسُولِ اللَّهِ}[التوبة: 120] #فقال_الكيالي: انظر كيف سمَّى القرآنُ "مكة" قرية،
وهي أكبر من "يثرب" التي صار اسمها "المدينة"، ولا
تـفـسـير لـهـذه الـتـسميـة في رأيه إلا لأنَّ سكانَ مكة
كـلـهـم مـن قـريـش وكـلهـم مـشـركون، أي من نسيج
اجـتـماعي واحد، أما" يثرب" فقد أطلق عليها القرآنُ
اسـم "الـمـديـنـة" لأنَّ سـكـانـهـا مـختلفون في الدين
والـنـسـب، ففـيـها الـنبـيُّ وأصـحابه المؤمنون، وفيها
المنافقون، وفيها اليهود ..
#فائدة: ذُكِرَت "القريةُ" في القرآن الكريم (33) مرة،
وذُكِرَت "المدينة" (17) مرة..
#الرد_على_تفسير_الكيالي:
الـكـلام المذكور، من قبل الكيالي، وتفسيره، منقوضٌ
بقوله تعالى {وَمَـا لَـكُـمْ لَا تُـقَـاتِـلُـونَ فِـي سَـبِـيلِ اللَّهِ
وَالْـمُسْتَـضْعَفِيـنَ مِـنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ
يَـقُـولُـونَ رَبَّـنَـا أَخْـرِجْـنَـا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا
وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}
[النساء: 75]
لأن إطلاق اسـم "قرية" على مكة في هذه الآية، إنما
كـان فـي وقـت كـانـت فيه مـكة يسكنها مجتمع غير
مـتـجـانـس؛ فـكـان فـيـهـا مـسـلـمـون مـسـتضعفون،
ومـشـركـون، وكـان الـفـريقان يعيشان معاً في مكة..
ولـو صـح كـلام الـكيـالـي لكان ينبـغي أن تكون الآية
{ربنا أخرجنا من هذه المدينة الظالم أهلها}..
قال الكيالي في سياق هذا الاستدلال: سمَّى القرآنُ مكة "بالقرية"، ويثرب"بالمدينة" وهي لا تساوي ربع مكة من حيث المساحة وعدد السكان..
والـتعـبيـر بالـقـرية أو المدينة في القرآن، إنما يجيء
لأغـراض بـلاغية تناسب السياق والسباق في الكلام.
فحين يجيء التعبير بـ "القرية" فإنما يجيء لمناسبةٍ
اسـتـدعـت اخـتـيـار لفظ القرية على ما عداه، وحين
يـجيء التعبير"بالمدينة" فإنما يجيء لمناسبة خاصة
استدعت اختيار لفظ "المدينة" على غيره..
4_ثم استشهد الكيالي بقوله تعالى{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا
أَتَـيَـا أَهْـلَ قَـرْيَـةٍ اسْتَـطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا
فَـوَجَـدَا فِـيهَـا جِـدَارًا يُـرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ
شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف: 77].
5_وقـولـه تعالى {وَأَمَّـا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ
فِي الْـمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً
مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ
عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف: 82].
فـقـال فـي اسـتـدلالـه: نـلاحظ في الآية الأولى {أتيا
أهـل قـرية} في الصباح .. وفي الآية الثانية تحولت
القرية نفسها إلى "مدينة" في المساء؟..
والحقيقة هذه مغالطةٌ من الكيالي، أراد بها أن يقول: كـيـف تـحـولـت "الـقـريـة" إلـى "مـدينة" في ساعات
قـليـلة؟ مـعـتـمـداً فـي هـذه الـمـغـالـطـة على المعنى
المعاصر لكلمتي "القرية" و "المدينة"..
ثـم أردف الكـيـالي قـائـلا: الـسرُّ في هذا أنها سميت
"قـريـة" فـي الآيـة الأولـى؛ لأن أهلـها كانوا مجمـعين
على البـخل، أي يجمعهم وصف البخل، فلما جاء ذكر
الـغـلامـين اليتيمين وأبيهما الصالح في الآية الثانية؛
سـمـيـت قـريـتـهـم "مـديـنـة" لأنـه حـدث فـيها تنوع
سكاني.. أي اجتمع فيها عنصر الخير والشر معا..
والجواب على هذا الاستدلال نلخصه بما يلي:
-الـقـرآن لـم يـقـل أن الـغـلامين كانا في نفس القرية
التي كان فيها كنزهما.. فقد يكونان في مدينة قريبة
مـن قـريـتـهـم، ثم يرجعان إليها بعد بلوغهما أشدهما
لاستـخـراج كنزهـما بترتيب إلهي مسكوت عنه الآن..
وهـذا المعنى هـو الأقـرب إلـى السياق، لأن اليتيمين
فـيـما يبـدو لما شعرا بالضيعة وضيق الحال بين أهل
تـلك الـقـريـة اللئيمة، التي لا ترحم الصغير ولا تطعم
عـابـر السـبيل، خرجا منها وقصدا "مدينة" قريبة من
قـريـتـهـمـا، لـيـجـدا لـهـمـا عـملا يؤديانه ويكسبان به
قـوتهـما، فالـعمـل فـي الـمـدن متيسر في الغالب لكل
أحــــــــد..
-قيل: إن هـذه "الـقـريـة" كـانت قرب أنطاكية، وعليه
"فالـمـديـنـة" التي خـرج إليها الغلامان هي أنطاكية..
وقـيـل بـل "الـقـريـة" الـتـي أبـت أن تـضـيـف موسى
وصاحبه هي انطاكية نفسها، وجرى التعبير عنها مرة
"بالـقـريـة" ومـرة "بـالـمـديـنـة" لـدواعٍ بلاغيّة، تتعلق
بـمـوافقة المـقال للمقام.. فعندما ذكر "حق الضيافة"،
عـبـر عنها بالقريـة، لأن أهل القُرى والأرياف يسكنون
في بـيـوت واسـعـة، مـمـا يُـهـوِّنُ عـلـيـهـم إطعام ابن
السـبيل واستـقبال الضـيـف، بـخـلاف أهل المدن في
ذلك، فـهـم يعـيـشون في مساكن ضيقة غالبا، وتثقل
عليـهم الضيافة وتحرجهم أحيانا.. لذلك كان التعبير"
بالـقـريـة" لبـيان شـدة لـؤم أهـل تلـك الـقـرية، الذين
خـالـفـوا طـبـاع أهـل الـقـرى، برفضهم إطعام موسى
والخضر حين طلبا منهم طعاما..
ثـم عـبـر عنها "بالمدينة" للسبب الذي أشرنا إليه قبل
قـليل، وهـو أن الغلامـين انتقلا إلى "المدينة" ليكسبا
قـوتهـما فيها بالـخـدمة والعمل، لأن العمل في المدن
ميسور.. وهكذا أدى كل واحد من هذين اللفظين في
موضعه غرضا بلاغيا يناسب المقام..
6_ومما استدل به الكيالي على المعني الذي اخترعه
للـقـريـة والـمـديـنـة قـولـه تعـالى {وَاضْـرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}[يس: 13]
فقال: لما كان كل أصحاب القرية كفارا سماها القرآن
"قرية"، فلما صار فيها رجل مسلم واحد، اجتمع فيها
عـنصرا الخير والشر، فسماها القرآن الكريم" مدينة"،
فـقـال تـعـالـى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}[يس: 20].
والـجـواب: إن هـذا الاسـتـدلال الذي اعتمده الكيالي
هو خطأ من وجوه:
#الوجه_الأول: إننا لا نسلم كون "المدينة" التي جاء
الـرجـل مـن أقصاهـا؛ هـي نفس "القرية" التي كذبت
المرسلين، فقد يكون مجيئه من مدينة مجاورة لتلك
القرية المكذبة، ولو سلمنا جدلا بأن القرية هـي نفس
الـمـديـنـة الـتـي جاء منها الرجل؛ فيكون العدول عن
لـفـظ القـرية إلى لفظ المدينة؛ قد وقع لغرض بلاغي
أذكره بعد قليل إن شاء الله.
#الوجه_الثاني: التعبير بالقرية في معرض التكذيب،
يعطـينا فكرة عن عسر تحول الجاهل عن معتقده أو
عـادتـه، فـأهـل الـقُـرى يغـلب عليهم الجهل، ويصعب
تحويلهم عن معتقداتهم القديمة، ولا يتقبلون الهداية
بسهولة، لذلك كان التعبير بأهل القرية مناسـبا للمقام
وهو من البلاغة العالية التي امتاز بها القرآن الكريم.
أمـا أهـل الـمـدن فـهـم فـي الغالب، أقرب إلى التَّنَوُّر،
وأقدر على التمييز بين الحق والباطل والخير والشر،
لـذلك كـان الـرجـل الـمـؤمـن واحدا من أبناء المدينة
المـجاورة للقرية المكذبة، والتعبير بقوله {من أقصى
المدينة} يشير إلى أن دعوة المرسلين انتشرت حتى
وصـلـت إلـى الـمـدينة وعمت دانيها وقاصيها.. أضف
إلى ذلك ؛ أن مجـيء رجل من أبناء المدينة لمناصرة
الـمـرسـليـن، وتـأييدهم في الدعوة إلى الله، كان من
شـأنـه أن يشـجع أبـنـاء تلك القرية على الإيمان بالله
تعالى، ولكـنهـم رغـم ذلك أصــروا عـلـى كفـرهم، ولم
يستجيبوا لهذا الرجل الصالح، بل قتلوه، فرأى مقامه
فـي الجـنة، فقال: {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي
ربي وجعلني من المكرمين }..
#الوجه_الثالث: أن اسـتـدلالـه هـذا مـنـقـوض أيـضا
بـقـوله تعالى {وَلُـوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ
الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ
فَـاسِقِـيـنَ}[الأنبياء: 74] والـقـريـة الـتـي كانت تعمل
الـخبـائـث، هي منطقة سدوم، وكان يسكن فيها لوطٌ
عليه السلام والـمـؤمـنون من أهله وقومه إلى جانب
الـكـافـريـن الذين أهلكهم الله، وهذا يعني أن النسيج
الاجـتـمـاعـي فـي سـدوم لـم يـكـن واحدا، وإنما كان
مـتـبايـنا بـين مؤمنين وكفار.. ولو صح الضابط الذي
وضعه الكيالي لكان ينبغي أن يقول القرآن {وَنَجَّيْنَاهُ
مِنَ الْمدينةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ}
#منقول
#الـسـؤال: هل تقتنع بما قاله الكيالي، أم بكلام الذي رد عليه؟
#قناعتي
أقـتنع بصحة الرد على الكيالي، ويكفيني قناعة قول
الله تعالى{وَلُـوطًا آتَـيْـنَاهُ حُـكْـمًا وَعِلْـمًا وَنَجَّـيْنَاهُ مِنَ
الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ
فَاسِقِينَ}[الأنبياء: 74]... فـلـو كـان تـفـسـيـر الكيالي
صحيحاً لكان {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ
المدينة الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ...}كما وضح سابق.
بـالإضـافـة الـى: أنـي سـألـت عـن الـفـرق بـين القرية
والمدينة فقالوا أنهما معناً واحداً ولا فرق...
-قـد يـختـلف تسـمـية القـرية عن المدينة كإداري من
حيث عدد السكان والمساحة، لكنه كقرآني لا فرق..
#أَسْعَدَ_اللهُ_مَساءكم_بِكُلِّ_خَيْرٌ.
#مُسْتَمِرُون...B~A
#أذكروا_اللهﷻ_وصَلُّوا_عَلَى_مُحَمَّدﷺ.
لِمُتَابَعَة مدونتي الشَّخْصِيَّة
https://bilalalhashimy7700b.blogspot.com/
لِمُتَابَعَة قَنَاتي عَلَى التلجرام
https://t.me/bilalalhashimy7700/4/
للــــــتـــواصــــــل واتـــــســـــاب
https://wa.me/967770072262
#ساهم_بالنشر_يكن_لك_أجراً_بإذن_الله.
#ملحوظة/يـلـزم نـشـر المنشور مع روابطه الملحقة.
تعليقات
إرسال تعليق